يا أهل مكة تواصوا بإكرام وفد الرحمن ..

لاشك أن نِعَم الله عظيمة على أهل مكة ، و فيض إكرامه لهم عميم ، فقد اصطفى عز وجل لهم هذا الجوار العظيم لبيته العتيق ، و أسكنهم بلده الأمين ..

ضاعف لهم الحسنات ، و رزقهم من الثمرات ، و أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف ، وجعل الأفئدة تهوي إليهم من كل فج عميق .. فله الحمد و الشكر و له الفضل و المنة ..

و الشكر لصاحب الإنعام و الإفضال لا يكون باللسان فحسب ، و إنما بالعمل أيضاً .. (اعملوا آل داود شكراً ..) ..

و مما يدخل في الشكر لله بالعمل من أهل مكة المكرمة ، و قد اختصهم بسكنى بيته و جواره ، مبادرتهم و تفانيهم في إكرام وفده و ضيوفه ، و الحجاج و العمّار هم وفد الله و ضيوفه ..

لذلك فإنني أوصي نفسي و إخواني من أهل مكة ليس فقط بإكرام وفود الرحمن و ضيوفه ، و إنما أيضاً بالتواصي بذلك ، فيوصي بعضنا بعضاً ، و يذكر بعضنا بعضاً ..

وهنا أوجه كلامي إلى :

التجار في بلد الله الحرام فأوصيهم بعدم المغالاة في الأسعار أو الغش أو التدليس ، فكل ذلك مما يذهب ببركة البيع و ربحه ..

و المطوفين .. وهم في مقدمة من يخدمون ضيوف الرحمن ، و المعنيون بتقديم خدماتهم في ظروف أحوج ما يكون فيها الحاج للمساعدة ، كأيام التروية و عرفة و التشريق ، فأوصيهم بطلاقة الوجه ، و حسن الاستقبال ، و كريم المعاملة ، و التفاني في خدمتهم ، و أن لا ينسوا بأن ذلك مجلبة لرضا الرحمن ، و البركة في المال و النفس و الولد ..

و أما المرشدين و العاملين في المسجد الحرام .. فأوصيهم بالرفق و اللين في تعاملهم مع ضيوف الرحمن ، و الابتعاد عن نهرهم و الغلظة معهم ، فكثير مما تقومون به يمكن تحقيقه بالحكمة و الموعظة الحسنة ..

و شباب الكشافة .. أوصيهم بالمصابرة و مواصلة خدماتهم للحجيج بروح عالية و نفوس مقبلة ..

و رجال الأمن .. أوصيهم ليس فقط بوفد الرحمن و إنما أيضاً بمن يقوم على خدمة ضيوف الرحمن ، و تسهيل مهمتهم و معاونتهم ، و الابتعاد عن التعسف في تطبيق الأنظمة معهم ..

أيضاً إخواننا الأطباء .. أذكرهم ونفسي بأن مرضى الحجاج هم كمن جُمع له بين عُسْرَين ، عُسْر الغربة و عُسْر المرض ، لذلك فإنني أوصيهم بالرحمة و التيسير بكل مريض ، و أن يتذكروا أن ضيوف الرحمن جديرين بكل إكرام و بكل عناية ..

و جميع من له علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بخدمة الحجيج أوصيهم ونفسي بتقوى الله في السر و العلن في وفد الرحمن و إكرامهم ، فمن كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه ، فما بالنا بضيف الرحمن ؟!!

و أكثر ما أتمناه على أهل المحروسة مكة هو أن يجعلوا التواصي فيما بينهم على إكرام وفد الرحمن شعاراً  لهم ، و أن لا يترددوا في التواصي و التنبيه إلى ذلك ..

و اللهم لا تحرمنا جوار بيتك العظيم ، و ارزقنا الأدب فيه ، و وفقنا لإكرام من حجه أو اعتمره  ..

 

نُشر يوم : الثلاثاء الموافق: 29/11/1422هـ في صحيفة : الندوة        رقم العدد : 13166