الندوة

جريدة الندوة  صحيفة عريقة لها ماض مجيد ، و إن كنت لست ممن عاصروا هذا الماضي أو تعرفوا على هذا المجد ، و لكنني ممن عرف ذلك من خلال ما يكتبه المهتمون بشئون الصحافة في بلادنا العزيزة ، وكيف أنها منذ نشأتها و هي منبر للحق و الجرأة فيه ، ولم يستطع أحد أن يراهن على هذه الخصيصة التي تميزت بها جريدة الندوة ..

و لقد مرت هذه الصحيفة العريقة في العقد الأخير بظروف صعبة جعلتها تؤول إلى ما هي عليه الآن ، ولسنا بصدد الحديث عن الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع ، ولا نريد أن ندخل في تفاصيل وضعها الآن ، لأن الأمر يكتنفه الكثير من  الحساسيات ، و ليس من المناسب ولا المفيد إثارتها أو التعرض لها ، لأن ذلك لن يخدم الهدف الذي من أجله أكتب اليوم و هو السعي لاستعادة هذه الصحيفة لمكانتها الطبيعية لتكون في مقدمة الصحف السعودية ، خصوصاً وأنها تصدر من أطهر بقعة على وجه الأرض .. و هي المؤهلة بحكم موقعها -الجغرافي- لتتولى الصدارة ، فمكة المكرمة و على مدار العام تُعد ملتقىً لشعوب و ثقافات من مختلف أنحاء العالم ، و تحتضن سنوياً أحداث كبيرة و هامة ، و في ذلك ميزة لا تتحقق بنفس الحجم للصحف الأخرى ..

و الصحافة الناجحة كما هو معروف ليست رئيس تحرير أو آلة طباعة حديثة فحسب ، بل هي تكامل بين عدة عناصر لكي يُكتب لها النجاح وتتبوء الصدارة ، و بعض هذه العناصر ليس متوافر بالحجم المطلوب في جريدة الندوة .. و هذا ما جعل الأمور تؤول فيها إلى ما هي عليه الآن ..

و لعل ما  يُعتبر في مكان الرأس من الجسد هو العنصر البشري ، يليه مباشرة  : العنصر المادي .

فالعنصر البشري يتمثل في الجهاز الإداري و الجهاز التحريري ، والجهاز الإداري يتكون من عدة مستويات وعدة أقسام ، بدءً من مجلس الإدارة فالإدارة العامة ، وما يتبعها من إدارات كالتسويق و المبيعات والتوزيع و الإعلانات والمالية والمحاسبية وغيرها ، و إذا جئنا إلى الجهاز التحريري نجد أنه ينقسم أيضاً إلى عدة أقسام  ، فهناك رئاسة التحرير و قياداته ، و هناك المحررين و المراسلين ، و هناك المكاتب الداخلية والخارجية ، و هناك أقسام الاستماع والترجمة ، و استقبال الأخبار التي تبثها وكالات الأنباء ، و يخدم جميع هذه الأقسام مركز معلومات الصحيفة الذي يُعد أداة مهمة ورافد أساسي من ورافد جهاز التحرير ، فهو المسئول عن مد جهاز التحرير بالكثير من المعلومات التاريخية و الصور الفوتوغرافية التوثيقية لكثير من الأحداث ..

وجميع هذه الأقسام و الإدارات ترتكز إلى حد كبير في عملها على توفر الإمكانيات المادية ، فكيف سيتمكن الجهاز الإداري و الجهاز التحريري من تطوير أدائه بدون امتلاكه لأدوات هذا التطوير و المتمثل في توظيف المؤهلين ذوي الرواتب العالية نسبياً ، و امتلاك تقنيات الحاسب الآلي و شبكات الاتصال الفعالة بوكالات الأنباء والمراسلين والمحررين ، وكذلك امتلاك إمكانيات وتقنيات طباعية متقدمة ذات كلفة عالية وأمور أخرى كثيرة لا يتسع المجال لتفصيلها ..

لذلك كان من الحلول المقترحة لتحقيق هذا الدعم وهذا التكامل بين عناصر النجاح في جريدة الندوة -و لعله الحل الوحيد المتاح في ظل المعطيات الحالية- هو توسيع قاعدة العضوية ، بانضمام أعضاء جدد إلى المؤسسة ، و هو اقتراح سوف يحقق -بإذن الله- دعماً مهماً للجريدة من خلال دعم العنصرين البشري و المادي ، وهو أمر تكاد تكون قد مرت به جميع الصحف السعودية ، بهدف تطوير ودعم إمكانياتها البشرية و المهنية ، من خلال ضخ دماء و أموال جديدة في جسد المؤسسة ، و امتلاك أحدث تقنيات الصحافة و الطباعة ..

و لقد تابعنا بشغف ما كُتب حول هذا الاقتراح منذ بزوغ فكرته وحتى صدور موافقة الجمعية العمومية و مجلس إدارة المؤسسة ، والتي تُوجت بموافقة وزارة الإعلام على الأعضاء المقترح انضمامهم إلى المؤسسة .

و ظل أبناء مكة ينتظرون دعوة هؤلاء الأعضاء الاجتماع ودفع مساهماتهم و تشكيل الجمعية العمومية الجديدة وانتخاب أعضاء مجلس الإدارة ، إلاّ أن انتظارهم قد طال ولم يحدث شيء من هذا .. ، و في تصوري أن الأمر يستدعي الإسراع في اتخاذ هذه الخطوات ، لأن فيها الحل الأمثل لإنقاذ هذه الصحيفة العزيزة على قلوب الجميع -وليس أهالي مكة فقط- ، فلعل في أفكار الأعضاء الجدد -و ليس أموالهم فقط- مع خبرة الأعضاء الأساسيين ما يُعطي دفعة قوية للمؤسسة و وضعها على المسار الصحيح ..

إن الأمل معقود على أعضاء المؤسسة الحاليين في الإسراع بتنفيذ خطوات انضمام الأعضاء الجدد ، وإحداث التطوير المأمول ، وتذليل جميع العقبات وعلى الأخص عقبتي ضم المؤسسة والشركة ، و تقدير قيمة السهم ، وهي أمور لا تستعصي على همم الرجال ، ليسجل لهم التاريخ هذا الإنجاز ، طاوياً صفحة ما آلت إليه الأمور في جريدة الندوة ، وسيكون ذلك موضع تقدير كبير من قبل المسئولين و المهتمين بأمر الندوة ، وعلى الأخص أبناء مكة المكرمة بحكم أنها الصحيفة الوحيدة التي تمثلهم في عالم الصحافة .

والله ولي التوفيق ..

 

نُشر : يوم : الاثنين الموافق 4/11/1418هـ في صحيفة : المدينة المنورة   رقم العدد : 12735