فلنتأدب فنحن في مكة

 الشائع استخدام عبارة ابتسم فأنت في مدينة كذا ، أو في برنامج تلفزيوني كذا ، و في فترة سابقة ظهرت عبارة في بعض شوارع جدة تقول : (ابتسم فأنت في جدة) .. و في العبارة إيحاء للساكن و الزائر لمدينة جدة بأن في المدينة الكثير مما يوجب الابتسام ، و إضفاء السعادة على نفوسهم ..

 و قد خطر في بالي و قد شرفني الله بسكنى مكة المكرمة و جيرة البيت العتيق ، و من خلال ما أراه و أعايشه من سلوكيات بعض سكانها و بعض زوراها التي لا تليق بمكانتها و قدسيتها ، أن يكون شعار سكانها و زوراها (فلنتأدب فنحن في مكة) .. لتذكيرهم دائماً بأنهم في بلد حرمته و قدسيته و مكانته عظيمة ..

لقد كان للمحروسة و المشرفة مكة مكانة عظيمة في نفوس النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة عليهم رضوان الله .. فكلنا يعلم ما قاله عليه الصلاة و السلام و هو يغادرها إلى المدينة المنورة ، من أنها أحب البقاع إلى الله و إلى نفسه صلى الله عليه و سلم ، و يعلم توجيهه الكريم لمن ولاه على مكة و وصيته عليه السلام بأهلها ، و كيف أن سيدنا عبد الله بن عمر كان يخرج من مكة عندما يريد أن يؤدب أحداً من مواليه ، و كيف تعاظم شعور سيدنا عبد الله بن عباس بالذنوب في مكة فخرج منها إلى الطائف ليقيم هناك ..

و قبل ذلك كله نعرف جميعاً ما توعد الله به من يرد الظلم في مكة فضلاً عمن يفعله فيها ، حيث يقول تبارك و تعالى : (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) ..

و عليه فإنني أتمنى نستشعر نحن سكانها أولاً مكانتها ، و أن نعظم حرمتها ، و أن ننشر ذلك بيننا ، و نغرسه في أبنائنا و بناتنا ، و أن نعكس ذلك في جميع سلوكياتنا الظاهرة و الباطنة .. و أن نتذكر عظمتها و حرمتها في جميع أحوالنا و تصرفاتنا ، في طرقاتها و شوارعها ، في أسواقها و مساكنها ، و في مدارسها و جامعتها ، و جميع أماكن العمل الرسمية و الأهلية .. و أن يكون جماع ذلك الأدب و التأدب في كل الأحوال و مع الجميع ..

هذه هي الفكرة التي في ذهني و لا أزعم بأن لدي تصور لتفاصيل ما يجب علينا فعله ليكون ذلك واقعاً في حياة سكان مكة المكرمة و زوراها ، و لكنني أردت أن أطرح الفكرة ، لإطلاع كل من يحب مكة و يعظم حرمتها ، -وكلنا ذلك الرجل (و نساؤنا كلهن تلك المرأة)- ، لنبدأ الحوار و النقاش حول كيفية أن نجعل شعارنا هو الأدب و التأدب في مكة المكرمة واقعاً ملموساً ، و ما هي البرامج التي يمكننا تبنيها من قبل جميع الفعاليات الرسمية و الأهلية لتحقيق هذا الهدف ، و كيف نجعل واقع مكة المكرمة وفقاً لما أراده الله لها عندما وصفها بأم القرى، و هو ما اعتبره ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد المجلد الأول صفحة 50 دلالة على تفضيلها، "فالقرى كلها تبع لها ، و فرع عليها ، و هي أصل القرى ، فيجب ألاّ يكون لها في القرى عديل" انتهى كلامه رحمه الله ..

و كلام ابن القيم هذا نقله إليّ أخي الأستاذ خالد الحلواني إمام و خطيب مسجد الملك فهد بالرصيفة ، وهو أول من ناقشت معه الفكرة و طلبت تعاونه في طرحها و بلورتها .. و قد قدّم أحسن الله إليه بعض الأفكار و المقترحات أذكرها على الإجمال و هي : العمل على تكريس حرمة مكة و فضلها و مكانتها الشرعية من خلال برامج توعية شاملة و حملات تثقيفية لأهل مكة و زوراها على غرار الأسابيع التوعوية التي تُقام سنوياً ، و الاستفادة من شبكة الانترنت لهذا الغرض ، و للتعريف بالمدينة ومعالمها و قدسيتها ، و أن يكون لأبناء مكة الحريصين على خدمتها منتدى يعمل على نشر الوعي و تكريس حرمة و قدسية و خصوصية البلد الحرام لدى أهل مكة وحاضري المسجد الحرام ، و العمل على تنفيذ المقترحات التي تحقق لمكة المكرمة مكانتها الخاصة ، و إحياء الأعمال العظيمة التي اشتهر بها المكيون في إكرام الحجاج و الزوار ..

هذا ما قدمه أخي الأستاذ خالد ، و أرجو من كل محب لمكة المكرمة أن يبادر إلى طرح أفكاره و مقترحاته حول هذه الفكرة سواء عبر الصحافة أو بمراسلتي على الفاكس الموضح في نهاية المقال ، أو على صندوق بريد 5815 مكة المكرمة ، ليكون الأدب و التأدب في بلد الله الحرام هو ديدن أهلها و زوراها ..

اللهم لا تحرمنا جوار بيتك العتيق .. و ارزقنا الأدب فيه ..

 

نُشر يوم : الثلاثاء الموافق : 16/3/1423هـ في صحيفة : الندوة        رقم العدد : 13257