الصحة في مكة المكرمة ..!

* إصابة الشاعر محمد الثبيتي، وما حدث له بعد ذلك من (صعوبات) في عدم وجود مؤسسة صحية (قادرة) على التعامل مع هكذا حالات تحتاج إلى أجهزة متقدمة وعناية طبية فائقة وكفاءات بشرية رفيعة، ذكّرني بحادثة شبيهة بحالة الأستاذ الثبيتي لصديق درب هو الأستاذ عبدالله أكرم بخاري عندما أُصيب بسكتة قلبية يوم النحر في عز أيام الحج، فلم يجد أهله له مكاناً سوى مستوصف كئيب في أحد أحياء مكة المكرمة شرفها الله، وبلطف الله تجاوز الصديق الأزمة وأجريت له عملية استبدال شرايين القلب كلها.. وقد كتبت عن هذه الحالة في حينها.

* كما أتذكر عند رئاستي لتحرير العزيزة جريدة «الندوة» أننا وبجهد الزملاء الصحفيين وفي مقدمتهم نائب رئيس التحرير الزميل والصديق الأستاذ علي بن يحيى الزهراني أننا أجرينا ونشرنا (عشرات) التحقيقات عن الأوضاع الصحية في مكة المكرمة، وعن حالات (البؤس) التي تعيشها مستشفياتها كمستشفى الملك عبدالعزيز في الزاهر، ومستشفى الملك فيصل في الششة الذي نقل إليه الشاعر الثبيتي ولم تتوفر به (أبسط) الوسائل العلاجية، ومستشفى النساء والولادة، ومستشفى أجياد، ومستشفى النور التخصصي وحتى المستشفيات والمستوصفات الأهلية حالها ليس بأفضل من حال الحكومية.. فإمكانياتها الطبية متواضعة جداً جداً، بل إن بعض المستشفيات والمستوصفات كثير عليه وصف مستشفى أو مستوصف لسوء حاله وتجهيزاته! وأستغرب جداً (السماح) لها باستمرار العمل ومع ذلك لم يحدث شيء.

* مكة المكرمة التي شهدت في عصور تاريخية سابقة وجود أول مستشفى عام في هذا الوطن العزيز لا يجد سكانها -وهم قرابة المليونين- المؤسسات الصحية القادرة والمؤهلة بأجهزتها وطواقمها على تقديم خدمات طبية حقيقية وكافية، بل إن بعضاً من مستشفيات العاصمة المقدسة كما هو حال مستشفى الملك فيصل والملك عبدالعزيز الداخل إليهما مولود والخارج منهما مفقود، وهذه ليست (مبالغة) إطلاقاً، بل هو واقع! وزيارة إلى أحد هذين المستشفيين يوضح ويبين (حقيقة) ما أقول.

* عدم وجود الخدمات الصحية السليمة يدفع معظم سكان قبلة المسلمين إلى الهجرة لجدة بحثاً عن الدواء والاستشفاء، والعجيب أن معظم مالكي المستشفيات الأهلية الكبرى في مدينة جدة هم أصلاً من أبناء مكة المكرمة، وهذا ما يثير أكثر من تساؤل عن دور وزارة الصحة ومديريتها الصحية في مكة المكرمة في معالجة هكذا حالات، وعن دور رجال المال والأعمال في إنشاء مستشفيات ومؤسسات صحية (راقية) في أقدس بقاع الأرض لتكون فرص وجود خدمات طبية متميزة في متناول سكانها و(تمنعهم) من حاجة السفر والهجرة إلى جدة.

* أعلم أن معالي الدكتور عبدالله الربيعة من الرجال المعروفين بإخلاصهم وتفانيهم وصدقهم في العمل، وأعلم أنه أتى إلى وزارة الصحة وهو يعلم ويدرك أنه (يحمل) مسؤولية ليست بالهينة. فالفشل في تقديم خدمة طبية أو عدم توفرها بحيث تؤدي إلى وفاة أو عجز دائم أو وقتي هو (عجز) عن أداء الأمانة، وأعلم أن الدكتور الربيعة وقبل أن يقسم يمين الوزارة أقسم يمين (المهنة) عند تخرجه في كلية الطب وأن مثله لا يهدأ له بال حتى يوفي (بعهده)، فأيُّها الإنسان الذي سجل اسمه (نجماً) ساطعاً في سماء الطب العالمي مكة المكرمة في حاجة إلى نظرة دقيقة وإلى وقفة حازمة منكم لرفع (العناء) الطبي عنها وأنتم بعون الله قادرون.

جريدة المدينة / الاثنين, 23 مارس 2009