هجروك يا أم القرى !

حسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة نفسها ومنقولة للصحف عن طريق وكالة الأنباء السعودية (واس) فإن عدد المصابين بحمى الضنك في العاصمة المقدسة يبلغ ثلاثة أضعاف عددهم في محافظة جدة، كما أن عدد المتوفين، حتى كتابة هذه السطور من ضحايا الحمى في أم القرى، أكثر من ضحاياها في جدة، ومع ذلك كله فإن ما جرى على ألسنة المسؤولين في جهات الاختصاص من صحة وزراعة وبلدية، وما جرى على أقلام كتاب الرأي في الصحف المحلية –حسب اطلاعي- كان يركز أكثر على الإصابات الموجودة في محافظة جدة، وما كتب حتى الآن عن ضحايا حمى الضنك من مرضى ومتوفين في مكة المكرمة لا يبلغ معشار ما كتب عنهم في جدة، ولعل ذلك عائد إلى أن معظم الصحف المحلية في المنطقة تصدر من مدينة جدة، كما أن تسعين في المائة من كتاب الرأي، حتى الذين تعود أصولهم القريبة إلى العاصمة المقدسة، أصبحوا من سكان جدة؛ ولذلك فإن هموم المحافظة أصبحت جزءا من همومهم اليومية أو هكذا يدعون.

ولذلك ظلت التغطية الصحفية لحالات وضحايا حمى الضنك الموجودة في البلد الأمين دون المستوى المطلوب فلا يجب أن تصبح الحالات ثلاثة أضعاف مثيلاتها في جدة، والأشد والأنكى من كل ما ذكر هو أن المختبرات الموجودة في بعض مستشفيات أم القرى لا توجد لديها إمكانية لعمل وتحليل للتأكد من الإصابة بحمى الضنك من عدمها، حتى إن المستشفى الموجود في حي الششة المخصص أصلا لمعالجة أمراض «الحميات» والأمراض الوبائية مثل أمراض الكبد والإيدز ونحوها وتوجد فيه غرف عزل، هذا المستشفى يقوم بإرسال العينات المراد التأكد من إصابتها بحمى الضنك إلى مختبر مستشفى النور ليظل المريض المنوم يتلوى ساعات أو أياما وسط قلق بالغ من أسرته ريثما تعود «التحاليل» بالنبأ اليقين الذي هم فيه مختلفون، ولا أجد في هذه المناسبة سوى ترديد قول شاعر مكي لاحظ ذات عام هجران أبناء أم القرى لها فقال:
هجروك يا أم القرى ولو أنهم
قد أنصفوا الوجدان ما هجروك!!
ومن عندي أقول: وتركوك لحمى الضنك!

عكاظ 22/4/1430هـ