اللهم آمنا في أوطاننا !

قبل نحو نصف قرن كان عدد سكان أم القرى يقل عن مائتي ألف نسمة وكان عدد عمد أحيائها في حدود خمسة عمد وكانت مراكز الشرطة بها خمسة مراكز وعدد ما بها من ضباط وأفراد كاف لتغطية أحياء العاصمة المقدسة ويزيد!، أما في هذه الأيام فإن سكان أم القرى يقارب مليوني نسمة وارتفع عدد عمد أحيائها إلى أضعاف ما كانوا عليه حتى إن حارة كبيرة مثل حارة المسفلة كان بها عمدة واحد فأصبح بها عدة عمد، كل عمدة يقوم على شؤون جزء من أجزاء تلك الحارة، ولكن الملاحظ أن عدد وإمكانيات أقسام الشرطة في مكة المكرمة لم يواكب التطور والتنوع الحاصل في عدد السكان فأصبح ضباط وأفراد الأقسام يلاحقون القضايا الجنائية والأمنية ملاحقة مرهقة، فإذا بدأ المحقق الجنائي في التحقيق حول قضية أمنية أو جنائية حولت له قضية ثانية وثالثة ورابعة قبل أن ينتهي من القضية الأولى، لأن عدد السكان تضاعف إلى عشرة أضعاف بينما لم يتضاعف عدد الضباط والأفراد إلا إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف، إضافة إلى تباعد المسافات داخل أم القرى واتساع الأحياء والمخططات وكون الوافدين أصبحوا يمثلون نسبة كبيرة من السكان ولهم تجمعات بائسة وخطرة ومتفاقمة ولهم ظروف خاصة تتعلق بهوياتهم ووجودهم وتكاثرهم ومجالات عملهم ونشاطهم الاجتماعي والتجاري، أما بالنسبة للسيارات والأجهزة ومقرات أقسام الشرطة وأثاثها فإن معظمها يحتاج إلى تحسين وتطوير حتى تستطيع مواجهة ما يُحول لها من قضايا وطلبات أمنية وجنائية وحقوقية ولا شك أن العنصر البشري المدرب والمؤهل والكافي من حيث العدد والعدة، له دور كبير في ترسيخ بنود الأمن والقضاء على الجريمة وحماية المجتمع ووقايته من غوائل المجرمين قبل قيامهم بتنفيذ اعمالهم الشريرة وإنني وإن كنت أتحدث هنا عن أم القرى إلا أن الأوضاع نفسها قد تنطبق على مدن ومحافظات أخرى، ومن يقرأ الصحف المحلية يجد أمامه في كل عدد منها جملة من الجرائم المتنوعة من قتل واغتصاب وسطو، ولأن الأمن والاستقرار من أغلى دعائم هذا الوطن الغالي فإن المحافظة عليهما أمر واجب على الجميع وبالله التوفيق.

عكاظ 16/4/1430هـ