يجد الداخل إلى أم القرى قادماً من جدة أو المدينة أو من أحيائها الطرفية، يجد فوق الجسر المطل على نهاية إسكان الرصيفة لوحة إرشادية تشير إلى بعض الاتجاهات ومنها عبارة: إلى الخط الدائري الثاني، وهو الخط المخترق لعدة أنفاق يأخذ بعضها برقاب بعض مثل نفق ريع بخش ونفق المسفلة ونفق شعب عامر ونفق السليمانية ونفق الششة والعزيزية وكلها داخلة ضمن الخط الدائري الثاني وهو أهم خط دائري بديع وحيوي في أم القرى على الإطلاق يوصل غربها بشرقها والعكس وكان له أثر عظيم في تحسين الحركة المرورية في أجزاء عديدة من العاصمة المقدسة ولكن ربما يتبادر إلى ذهن من يقرأ اللوحة الإرشادية التي تشير إلى الخط الدائري الثاني، سؤال يقول: هو هذا الخط الدائري الثاني فأين هو الأول ومن أين يبدأ وإلى أين ينتهي؟

إن مثل هذا السؤال لو وجهته إلى أحد أبناء أم القرى لما وجدت لديه الجواب الشافي الكافي، فكيف لو وُجه السؤال نفسه إلى زائر للبلد الأمين أو إلى مقيم فيها إقامة دائمة أو مؤقتة، وسبب الحيرة المصاحبة لورود مثل هذا السؤال أنه لا يوجد على الطبيعة خط دائري أول لأن هذا الخط بعد أن نُفِّذت أجزاء منه تمهيداً لتنفيذ الأجزاء الأخرى، توقف العمل به منذ أكثر من ربع قرن، ثم قُطِّعت أوصاله زيادة على ما كان مقطوعاً منها كما سدت أنفاسه في مناطق أُخر وأزيل كلياً في جهات ثالثة، ولم يبق منه إلا ذيله الذي يمثله النفقان الصغيران الموصلان بين ريع الرسام والفلق للذاهب والقادم ولا شيء غير ذلك!

وعندما بدأ تنفيذ الخط الدائري الأول نُشرت في الصحف أحاديث عذاب عن فوائده الحسان وأنه سوف يجعل الحركة المرورية حول المسجد الحرام سهلة ميسرة وأنك تستطيع بسيارتك أن تلف حول الحرم الشريف دورة كاملة من شماله إلى جنوبه إلى شرقه إلى غربه بما في ذلك الجهات الفرعية في خمس دقائق عبر شبكة من الأنفاق البديعة والطرق السريعة والمسارات الوديعة، وربما يكون ما قيل صحيحاً وممكن التطبيق لو أن أجزاء الخط الدائري الأول أكملت حسب المخطط المرسوم لها منذ ذلك التاريخ ولكن ما حصل كما أسلفنا أن الخط تحول إلى أشلاء دفن بعضها وأزيل بعضها الآخر وسدت أنفاس أجزاء ثالثة أما الجزء الباقي اليتيم الذي يربط بين ريع الرسام والفلق فإنه جزء غير مؤثر وإن كان وجوده أفضل من عدمه هذه حدود علمي عن الخط الدائري الأول فمن لديه «مَندل» يستطيع به الكشف عن هذا الخط المتواري عن الأنظار فليضرب بالمندل حتى يظهر لنا الخط الدائري الأول؟!


صحيفة عكاظ
( الإثنين 25/02/1429هـ ) 03/ مارس/2008 العدد : 2451