حول مسميات بعض الأحياء المكية القديمة 2-2

ولعل الأجيال الجديدة من أبناء السليمانية أصبحوا مثل غيرهم، ليسوا على استعداد للتفكير في ذبح حصان، ناهيك عن طبخه وأكله كما كان يفعل آباؤهم وأجدادهم من أبناء السليمانية من قبل! وهناك أسماء مكية اخرى ارتبطت بجنسيات اخرى من الحجاج، ولكنها لم تحمل أسماء تلك الجنسيات ففي المسفلة كان يتزاحم عليها الأفارقة السود والحجاج من الهنود بالمعنى الواسع للهند التي كانت تضم باكستان وترجمتها الى العربية هكذا (أرض الطهر)، والهند الحالية وبلاد البنغال وغيرها من أطراف القارة الهندية أما حارة الباب فكان معظم حجاجها النازلين بها هم من مصر، أما شعب علي أو بالأصح شعب بني هاشم، فإن معظم سكانه من الحجاج من مناطق جنوب شرق آسيا، وهكذا كان الأمر في تلك الأيام، كل جنسية من الحجاج تنزل في حي من الأحياء، أو ان غالبيتهم يكون نزولهم في حي معين حتى تسمت بعض تلك الأحياء بأسماء البلدان التي جاء منها الحجاج أو نحتت أسماء تلك الأحياء من أسماء بلدان الحجاج الذين نزلوا بها مثل الشامية والسليمانية والغزة كما أسلفنا كما نتج عن سكنى بعض الحجاج وبقائهم في أم القرى ومجاورتهم للبيت الحرام وعدم عودتهم الى أوطانهم بعد أداء المناسك ان اصطبغت مكة المكرمة بأطياف جميلة من العادات والتقاليد والثقافات الاسلامية المختلفة واصبح المطبخ المكي يتميز بالتنوع حتى قيل ان للأرز وحده عشرين طريقة لطبخه ولكل طريقة مذاق (كالغيد كل مليحة بمذاق)!


واختتم مقالي بالثناء العاطر على المشروع الذي تبنته امارة منطقة مكة المكرمة تحت شعار (تعظيم البلد الحرام) حيث جاء هذا المشروع بنتائج اولية جيدة في مجال تذكير الناس بعظمة ام القرى وحرمتها ومكانتها وواجب ساكنيها نحوها وفضلها على جميع المسلمين واتمنى للقائمين على المشروع المزيد من التوفيق وان يواصلوا جهودهم الفكرية والاعلامية في هذا المضمار ليتحقق فيهم قول الله عز وجل: «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» وما هذه الشعائر الا جزء لايتجزأ من ام القرى التي فيها تكون الشعائر وهي التي تحتضن المشاعر، ولله الحمد من قبل ومن بعد.