المداد .... تحفظ مكتبة أبو سليمان

في أواخر ذي الحجة الماضي دشنت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي ، مكتبة الفقيه والمؤرِّخ والأديب السعودي، وعضو هيئة كبار العلماء ، وعميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقًا ، والحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية عام 1435هـ/ 2014م ، فضيلة  الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان - رحمه الله – بقاعة الصفا في متحف المكتين بجدة بارك. 

وجاء تدشين المكتبة بعد أن تبنت مؤسسة المداد للتراث والثقافة والفنون بجدة ، توفير موقع خاص يضم محتوياتها ، وتدشين الموقع الإلكتروني لها  وحساباتها على منصات التواصل الاجتماعي . 

أما احتضان المؤسسة للمكتبة فإنه يبعث رسالة يقول مضمونها أنها كمؤسسة غير ربحية لا تهدف لتعزيز التراث والفنون والتبادل الثقافي من خلال المتاحف والمعارض المقامة فقط ، بل باحتضانها أيضا لمثل هذه المكتبات التي تضم أمهات الكتب والمخطوطات النادرة ، والعمل على دعم ومساعدة الباحثين وطلاب العلم ، ولهذا شكلت لجنة علمية " لمناقشة سبل تعظيم الاستفادة مما تحتويه هذه الخزانة المكية النفيسة من كنوز المعرفة ونوادر المخطوطات والكتب، وإعداد البرامج والخطط ووضع اولويات التنفيذ ، فكان الاجتماع الأول بحضور المهندس أنس صالح صيرفي الأمين العام للمؤسسة ، والدكتور عدنان الحارثي الشريف المشرف العام على المكتبة ، والشيخ الدكتور عبدالعاطي الشرقاوي ، والدكتور عثمان زوقري ، والدكتور ممدوح عثمان  ، فخرج الاجتماع  بعدة توصيات ابرزها وأهمها البدء " في اطلاق سلسلة من الجلسات العلمية الشهرية بهدف تسليط الضوء على ما تنفرد به المكتبة من نوادر ونفائس العالم الموسوعي عبدالوهاب أبو سليمان رحمه الله، كما تم اعتماد اعداد خطة تفعيل موقع المكتبة وحسابتها الالكترونية لنشر كل ما يختص بالمحتوى العلمي للمكتبة وانشطتها الثقافية ، واعتماد خطة لحصر جميع المخطوطات الاصلية بالمكتبة ووضع خطة لتحقيقها ونشرها ضمن سلسلة خاصة، بالإضافة الى جمع وإخراج(الأعمال الكاملة) الموسوعة الفقهية والعلمية والفكرية الكاملة لكتب وإصدارات معالي الشيخ رحمه الله .

ثم جاءت الانطلاقة الأولى للجلسات العلمية الشهرية بالجلسة الأولى التي حملت عنوان : "العلامة الشيخ حسن مشاط (1317هـ -1399هـ) في عيون تلميذه الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان (1356- 1444هـ / 1935- 2023 م" ، وهي محاضرة تكشف ولأول مرة مقام وقدر صاحب الفضيلة العلامة القاضي الفقيه الشيخ حسن مشاط، من خلال ما أقرأه ودرسه على مدى أكثر من نصف قرن في مكة المكرمة وفي رحاب الحرم المكي الشريف  ، وتم عرض بعض الوثائق التي تعرض لأول مرة . 

‏أما الندوة العلمية الشهرية التي عقدت أواخر ربيع الآخر 1447 ، منتصف أكتوبر 2025 ، فكانت تحت عنوان: "محراب عبدالوهاب أبو سليمان، رحلة عقل وفكر" للأستاذة / هبه بنت عبدالوهاب أبو سليمان الإخصائية في علم البكتيريا التشخيصي وشاركت في جمع الإنتاج العلمي لوالدها إلى جانب شقيقتها الدكتورة جمانة أبو سليمان، حيث كشفت جانبا خاصا من سيرة معاليه ، من واقع ملازمتها ومشاركتها جوانب ومراحل عديدة من حياته رحمه الله فكان السرد واقعيا ممتعا عن المكتبة ومراحل اقتنائها وانشائها المختلفة، بل وتنقلاتها وأوقاته فيها، وتطور استخدام معالي الشيخ للتقنيات بدأ بالآلة الطابعة وانتهاء باستخدام الحاسب الآلي، وتأثير المكتبة على أسرته، وكيف كانت المكتبة محراب الشيخ بكل ما تحمله الكلمة من معنى وكذلك مواقف وذكريات معالي الشيخ مع أسرته وأبنائه في الحِل والسفر . 

وشهد منتصف نوفمبر الماضي  عقد الجلسة العلمية الثالثة بعنوان " المكتبات الخاصة مالها وماعليها " ، قدمها الأستاذ الدكتور حسن عواد السريحي ، والأستاذ الدكتور صالح محمد المسند ، لتبعث المؤسسة برسالة مفادها أن دور المؤسسات الثقافية لا ينحصر في حفظ وحماية المكتبات من التلف ، وتمكين الباحثين وطلاب العلم من الاستفادة من محتوياتها  ، بل إن دورها يتجاوز ذلك للوصول إلى إحياء التراث الثقافي وتنظيم الأنشطة والفعاليات الثقافية لتعزيز الهوية والتشجيع على القراءة والتفاعل الثقافي بين الأجيال. 

وفي الختام أقول إن تبني مؤسسة المداد 
للتراث والثقافة والفنون بجدة ، يبعث برسالة يقول مضمونها إن المكتبة وإن كانت  حاضنة للمثقفين ، وطلاب العلم ، وباحثي المعرفة  ، فهي مركز  للتنمية الثقافية والفكرية تقدم لروادها ما ينير دروبهم ويرتقي بتعاملاتهم ، ويغذي فكرهم بأفضل الأنواع وألذ الاذواق ، يتنقل فيها الباحث ليستخرج ما يشبع فكره ويسد حاجته ، لا تغلق بابها ، ولا تنتقي روادها ، فالمجال متاح للجميع دون نظر للمكانة العلمية أو الاجتماعية . 

فشكرا لمؤسسة المداد 
التي احتضنت الكنز الثمين ، وأشرعت الأبواب أمام الجميع لاستخراج العلوم والمعرفة من بين صفحات ما تحتضنه المكتبة من كتب ومخطوطات .