مكة في دراسة تاريخية حضارية
أحمد صالح حلبي
تناولت العديد من الكتب والمراجع التاريخية الحديث عن النسيج الاجتماعي لسكان مكة المكرمة ، وجاء كتاب " مكة المكرمة خلال الفترة ( 1277 ــ 1334 هــ / 1861 ــ 1916 م ) دراسة تاريخية حضارية " للدكتورة أريج بنت مسحل القثامي ، ليمثل واحدا من هذه الكتب القيمة ، وهو رسالة علمية تقدمت بها المؤلفة " إلى قسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية بجامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث " .
وفي تقديمه للكتاب يوضح المشرف على كرسي الملك سلمان لدراسة تاريخ مكة المكرمة ، الدكتور عبدالله بن حسين الشريف أن الكتاب " يتناول تنوع النسيج الاجتماعي لسكان مكة المكرمة واثره في عاداتهم وتقاليدهم " .
أما الباحثة فتشير في تمهيدها إلى الأوضاع في إمارة مكة المكرمة على إثر خروج قوات محمد علي في عهد محمد بن عون شريف مكة ( 1256 هـ / 1840 م ) ، موزعة كتابها لخمسة فصول تحدثت فيها عن فترة زمنية امتدت لنحو سبعة وخمسين عاما .
ففي الفصل الأول تحدثت عن الأشراف في مكة في الفترة ( 1277 ــ 1334 هــ ) ، من خلال ثلاثة مباحث ، تناول الأول " سياسة الاشراف في ادارة شؤون الحكم في مكة المكرمة " ، فيما تناول الثاني " علاقة الاشراف بالقبائل الحجازية " ، وبين الثالث " التنافس بين أمير مكة والوالي العثماني على ادارة السلطة " .
وتناول الفصل الثاني " الأحوال السياسية في مكة المكرمة " ، عبر أربعة مباحث ، فيما خصص المبحث الأول من الفصل الثالث للحديث عن " النسيج الاجتماعي لسكان مكة المكرمة وأثره في العادات والتقاليد " ، والثاني " نشأة الصحافة ودورها في وعي المجتمع المكي " ، مشيرة إلى أن أول مطبعة أنشئت في مكة المكرمة كانت عام 1288 هــ / 1871 م ، وامتلكها علي مختار لكنها منعت من العمل بسبب نشرها بعض المطبوعات التي تضر بمصالح الدولة العثمانية في الحجاز .
كما اشارت إلى " أول مطبعة رسمية حكومية ... ، على يد الوالي عثمان نوري باشا عام 1300 هــ / 1883 م ، واستخدمت لطباعة صحيفة ( حجاز ولايتي سالنامه سي ) "
وفي مبحثها الثالث تحدثت الباحثة عن الحياة العلمية في مكة المكرمة خلال المدة ( 1277 ـ 1334 هــ / 1861 ــ 1916 م ) ، وتناولت " رحلات الحج والعمرة واثرها المهم في ازدهار الحركة العلمية في مكة المكرمة "
أما المبحث الرابع فتناولت فيه الأربطة ودورها الاجتماعي ، كواحدة من " أهم المؤسسات الخيرية في مكة المكرمة " ، موردة اختلاف المؤرخين في تعريفها ، موضحة أن عدد الأربطة الموقوفة على " العجزة ، وكبار السن ، والمجاورين " ، في العهد العثماني ـ في تلك المدة ،ـ كانت تسعة وعشرون رباطا حتى سنة1300 هـ .
وفي المبحث الخامس المخصص للحالة الصحية في مكة المكرمة ، فأشارت إلى ظهور وباء الكوليرا لأول مرة في الحجاز عام1247 هــ / 1831 م ، وتشكيل مجلس صحة الحجاز عام1328 هــ / 1910 م ، " بقرار من شورى الدولة وفرمان من السلطان عبدالحميد الثاني بعد أن فشلت أول إدارة صحية في الحجاز عام 1312 هــ / 1895 م "
أما الفصل الرابع فخصص للحديث عن الحياة الاقتصادية في مكة المكرمة ، من خلال مبحثين الأول لـــ " أبرز مظاهر النشاط الاقتصادي " ، وبينت أنه " بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، بعد خروج قوات محمد علي من الحجاز سنة 1256 هــ / 1840 م حدثت أوقات انتعاش اقتصادي لإقليم الحجاز ، بسبب التغييرات والتعديلات الاجتماعية التي احدثها محمد علي في الحياة العامة في الحجاز " ، والثاني عن السياسة المالية العثمانية والمساعدات الخارجية وأثرها في الاحوال الاقتصادية .
أما الفصل الخامس فخصص للمنشآت والاصلاحات المعمارية في مكة المكرمة ، وفيه مبحثان الأول عن العمارة الدينية ، والثاني عن العمارة المدنية والعسكرية .
وختمت الباحثة رسالتها بملاحق ، ووثائق ، ورسائل ، وجداول بيانية ، وخرائط ، ولوحات ، لتؤكد استنادها لحقائق تاريخية .