أحقًّا رحلت ؟! في وفاة الشيخ محمد بن عبدالله باز

كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق، وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ونختنق بالدموع ونحن نودع صديقًا تلو الآخر، لقد فُجعت بوفاة صديقي العزيز الشيخ محمد بن عبدالله باز الذي فارق الدنيا قبل أيام تاركًا سيرة عطرة، وذكرى طيبة، وروحًا نقية، وميراثًا من القيم والمثل النبيلة.

قضاءُ الله ليس لـه مردٌ ... ولـيس لـهُ على الإطلاق ثاني
رحلتَ وفي القلوب إليك شوقٌ ... إلى مـا فيك من شيمٍ حسانِ
ويبقى الودُّ منك وليس يمُحى ... على أمدٍ أمدَّ من الزمـانِ

عاش محمد باز بخصال ومزايا حميدة جلها الإيمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب وكرم الضيافة، والتواضع الذي زاده احتراماً وتقديراً ومحبة في قلب كل من عرفه والتقى به، وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس ؟!

لقد عرفتُ محمد باز قبل سنوات طويلة من مجلس الشيخ عبدالحميد القطان، ثم توثّقت صلتي به فعرفته طيبًا، هادئًا، متسامحًا، راضيًا، قنوعاً، ملتزماً بإنسانيته كما هو ملتزم بدينه وواجباته الاجتماعية، أعطى للحياة والناس جهده وحسن خلقه وحبه لهم وإغداقه لمحتاجهم، فهنيئًا له ما أنفق وأكرم وبذل.

 برحيل محمد باز تذكرت تلك الوجوه النيرة التي رحلت عنا مؤخرًا كالشيخ عبدالحميد القطان والشيخ عبدالله باز وفضيلة الشيخ فراج العقلا والشيخ رشاد زبيدي فقد كانت تجمع كل هؤلاء علاقة صداقة متينة استمرت لعقود من الزمن، رحمهم الله رحمة الأبرار، وأسكنهم مع المصطفين الأخيار.

وعندما أدرك محمد باز أن الحياة بدون بذل وعطاء هي حياة فارغة من كل مضمون ومن كل معنى! لذلك فقد جعل حياته قصيدة كرم ووفاء، وحب وارتقاء، عزائي لآل الباز الميامين أخص منهم الأستاذ أحمد باز والأستاذ هاشم باز ومحبيهم، له الرحمة ولهم من بعده طول البقاء، والله أعطى وأخذ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم أنزل على قبر عبدك محمد باز شآبيب الرحمات، وأسقه من يد المصطفى صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبدًا.

{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ }

انتهى

د. مجدي باسلوم