التوسعة السعودية الثالثة ... نعاتب من؟

لقد شرّف الله المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين، فمنذ تأسيس الدولة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز كان للمسجد الحرام والمسجد النبوي الأولوية على كل شيء، مالياً وأمنياً وصحياً. سخاء بما تعنيه الكلمة، كل ما هو موجود داخل تلك البقعتين الطاهرتين هو أفضل نوع وأجود منتج. أحضرت لهما أفضل الصوتيات وأفخم مجسمات الإنارة وأرقى السجاد وأحسن أنظمة التكييف، تم شراء جبال بأكملها من أجل أن ينعم ضيف الرحمن ببرودة السطح الذي يمشي عليه، والقائمة تطول ولا يمكن حصرها أبداً في مقال.
 
يوم الأحد الماضي حضرت لقاء لسعادة الدكتور وائل حلبي بعنوان "منظومة الحركة في التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام" على منصة قبلة الدنيا، وقد اندهشت حقيقة وأنا أرى هذا العمل الجبار في منظومة إدارة حركة الحشود، إبداع في ابتكار طرق كثيرة لتنظيم عملية دخول وخروج زوار المسجد الحرام، والإبداع يكمن في البعد عن التعقيد وسهولة الوصول إلى أي مكان. وأستحضر هاهنا أيضا لقاء آخر على قناة روتانا خليجية في رمضان مع الدكتور عبدالله بن جنيدب كان عنوانه "حكاية عمارة الحرمين"، وكان لقاء ثريا جداً احتوى على معلومات مهمة عن التوسعة السعودية الثالثة من ناحية التصميم والعمارة وجمالياتها، وقد ذكر الدكتور عبدالله نقطة في غاية الأهمية وهي أن التوسعة السعودية الثالثة تُصنّف ضمن "العمارة النبيلة"، وهو أرقى تصنيف للمباني في العالم،  ولاتزيد المباني المدرجة تحت هذا التصنيف عن 1,000 مبنى في العالم كله. وأغلبها شُيدت في العصور القديمة، بل قال الدكتور عبدالله عن التوسعة إنها "ذروة العمارة النبيلة". هذا التصنيف يعتمد على توافر عدة عناصر في المبنى، منها على سبيل المثال لا الحصر: "وحدة المادة" .. حيث إن كل أرضيات وجدران التوسعة الثالثة من حجر الكرارة ومصدره إيطاليا، وعنصر ثان يسمى بـ "الظل والظلال"، وعنصر "فراغات مختلفة المستويات". وهناك أمر آخر يدل على الإبداع في التصميم، وهو إمكانية رؤية الكعبة المشرفة من على بعد 600 متر، إذ لم يعد من الضروري الوصول إلى صحن المطاف لرؤية الكعبة. معلومات أتعرف عليها وأفهمها لأول مرة، هذا وأنا "المكي" الذي يبعد منزله 10 دقائق بالسيارة عن الحرم الشريف.
 
أتذكر قبل عدة سنوات -وأنا أشاهد إحدى القنوات المتخصصة في الأفلام الوثائقية- أنني تابعت برنامجا يروي قصة نقل مبنى من موقع إلى آخر في أمريكا، وكان البرنامج عبارة عن توثيق للمشروع خطوة بخطوة، أمر مدهش وفي غاية الإمتاع. حقيقة لا أعلم لماذا لا نهتم بتوثيق مثل هذه المشروعات الجبارة والتي تأتي في مقدمتها "التوسعة السعودية الثالثة ... ذروة العمارة النبيلة"، عتابي هو: لم لا نشاهد فيلما وثائقيا يليق بمستوى هذا المشروع العظيم، ولا أعلم إلى من أوجه عتابي .. هل إلى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أو إلى شركة بن لادن أو إلى وزارة المالية أم أعاتب وزارة الإعلام!.
 
لابد أن يعرف كل إنسان في العالم كيف استشعرت المملكة واجبها -التكليف- تجاه هذا التشريف.

نقلا عن صحيفة مكة