حرمان حجاج!!

يوم أمس كان المشهد (إيمانياً) على صعيد عرفات الطاهر، حيث التقت ملايين النفوس المسلمة من كل بقاع الدنيا ملبّية مكبّرة وأيديها مرتفعة إلى السماء راجية عفو العزيز القادر.
ويوم أمس كان المشهد (رمزياً) بكل معاني الرمزية في ما يعكسه من وحدة (أمة) جعلها الحق سبحانه وتعالى خير أمة أخرجت للناس. فالكل بالأمس وعلى صعيد عرفات الطاهر كانوا برداء (إيماني) (واحد)، و(بقلب) واحد، وبدعاء واحد. (السحن) مختلفة، و(القسمات) متنوّعة، و(الألسن) متعددة، ولكنها كلها تشترك في كونها (أمة الإسلام).
* هكذا مشهد بقدر ما يثير النفس في فهم عزة الإسلام وقوته، وبقدر ما يثير لدى غير المسلمين (تعجباً) في (التئام) ملايين من البشر في أرض فسيحة، بقدر ما يثير في نفوسنا كمسلمين (حسرة) و(ألماً) على ما هو حال أمة الإسلام.
* في واحدة من غرائب التاريخ وبكل أسف وأسى (غرائبه) تتوالى بين المسلمين، وفوق أراضيهم، في واحدة من تلك الغرائب لم يستطع حجاج مسلمون فلسطينيون من أداء فريضة الحج، ليس لأن القوى الصهيونية الباغية منعتهم كما هي عادتها في البطش والتجبر وعدم احترام القوانين والأنظمة الدولية أو الإنسانية!! ولم يمنعوا لأن القوى الامبريالية الطاغية أرادت حرمان المسلمين من أداء ركن من أركان الإسلام لأنها (تتآمر) ليل نهار على الإسلام وأهله!! ولم يمنعوا لأنهم غير قادرين على تكاليف الرحلة ومصاريف الحج، ولا لأنهم في القوائم السوداء أو لارتكابهم ما يخالف القوانين!!
* منع (3500) ثلاثة آلاف وخمسمائة حاج وحاجة فلسطينيين من قطاع غزة (الأبي) لأن الفصائل والتيارات الفلسطينية، (نعم الفلسطينية) اختلفت فيما بينها فيمن يستحق أداء الحج ومن لا يستحق، بغض النظر عن (الإلزامية) الدينية لهكذا فريضة، وبغض النظر عن (شوق) و(تحرق) أولئك الحجاج إلى رؤية الأراضي المقدسة وأداء فريضة دينية واجبة والتمتع بها مثلهم مثل بقية إخوانهم من المسلمين.
* ولم تكتفِ القيادات الفلسطينية بكل أسى بمنع وحرمان الحجاج من (أداء) فريضة الحج بل (تبارت) فيما بينها في إلقاء (التهم) على هذا الطرف أو ذاك، و(إيجاد) المبررات اللازمة لتبرئة ساحتها. فالسلطة الفلسطينية تقول (إن حماس انضمت إلى كفار قريش والقرامطة بحرمانها الحجاج الفلسطينيين من أداء فريضة الحج، لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة). وحماس في المقابل تتهم السلطة بالمتاجرة والضغط باستخدام التأشيرات الخاصة بحجاج (القطاع) لتمرير أهدافها (التآمرية) ضد حماس.
* وهكذا مواقف هي بحق مواقف (يندى) لها الجبين المسلم الأبي، و(يخجل) منها كل مسلم وعربي يرى في موسم الحج فرصة (للتلاقي) و(التآخي) و(الوحدة). فكيف يمكن بعد هكذا حال لأي عربي أو مسلم أن يفتح عينيه بأكملها مطالباً بالحق الفلسطيني؟ كيف يمكن بعد هكذا (مزايدات) لأي متعاطف مع قضية الشعب الفلسطيني أن يطالب إسرائيل باحترام الحقوق الفلسطينية، وإعطاء الفلسطينيين حقهم الشرعي في إقامة دولة مستقلة؟ بكل صدق كأني أرى أولمرت وليفني وباراك وغيرهم من القيادات الإسرائيلية ومعهم صهاينة العالم وهم (يضحكون) ويقهقهون بملء (أشداقهم) على ما يحدث، ويسخرون من دعاوى المطالب العربية لأنها ببساطة غير (متحدة).
فاكس: 2875157 – جدة
aalorabi@hotmail.com