شكرا أبطال الصحة

حرصت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ على توفير الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين وقاصدي البيت الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم من معتمرين وحجاج وزوار، وكانت البداية الأولى للخدمات الصحية متمثلة بإنشاء مصلحة الصحة العامة في مكة المكرمة عام 1343 هـ، تلا ذلك إنشاء مديرية الصحة العامة والإسعاف عام 1344 هــ، وجاء أمر الملك عبدالعزيز باعتماد أول مدرسة للتمريض في العام نفسه بمكة المكرمة عرفت - آنذاك - بمدرسة التمريض الصحية، لتكون النواة الأولى للتمريض في السعودية.

وشكل نظام إدارة الحج الصادر في 20 ربيع الأول عام 1345 هـ بداية أولى لنظام الخدمات الصحية للحجاج، فرغم أنه تناول تعريفا للطوافة ومهامها وحدد مهام الزمازمة والمخرجين والمقومين ووكلاء المطوفين بجدة، ونقباء جدة ووكلاء المدينة المنورة، إلا أنه تناول الجانب الصحي وأوضح وظائف إدارة الصحة، وظهر ذلك في أكثر من مادة ومنها المادة 13 التي أكدت أنه «على المطوف إخبار مديرية الصحة العامة فيما إذا طرأ مرض على أحد الحجاج، فيخبر عنه إدارة الصحة لمعاينته فورا، وعلى إدارة الصحة إجراء وظيفتها نحو ذلك».

كما منح النظام في المادة 32 منه إدارة الصحة العامة صلاحية إجراء التفتيش، إذ طالب الإدارة بـ «أن تجري التفتيش بصورة مستمرة على عموم الدور التي يسكنها الحجاج وأن تضع على كل غرفة إشارة إلى العدد الذي يمكن إسكانه من الحجاج في تلك الغرفة، وأن تجرى المعاينة على صحة الحجاج في دورهم بصورة مستمرة».

وبصدور الأمر السامي الكريم رقم 5/11/8697 وتاريخ 26/8/1370هـ بإنشاء وزارة الصحة، بدأت الخدمات الصحية تأخذ تطورا كبيرا ومتسارعا، فانطلقت عام 1378هـ مدارس ومعاهد التمريض الحديث، من خلال اتفاقية أبرمت بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية للمراقبة الصحية والتمريض، وشهد عام 1379هـ انطلاقة المعهد الصحي للبنين بالرياض، كأول معهد صحي حديث ينشأ في المملكة العربية السعودية، تلاه في عام 1381هـ افتتاح المعهد الصحي للبنين بجدة، إضافة لافتتاح مدرستين للبنات بكل من الرياض وجدة عام 1382هـ، ومع تأسيس المعاهد الصحية ومراكز التمريض، جاء افتتاح أول كلية طب بالمملكة عام 1387هـ.

ولعب التأسيس القوي والجيد لمعاهد ومراكز التمريض وافتتاح كلية الطب دورا قويا فيما نراه اليوم من تطور للخدمات الصحية، فمن خلالها برز أبطال الصحة في أكثر من موقع، وواجهوا أكثر من حدث، فقد تم إعدادهم وتأهيلهم ليكونوا كوادر جيدة قادرة على أداء واجبها والارتقاء بالخدمات الصحية.

واليوم نقف فخورين بمن نراه أمامنا من شباب وفتيات ورجال ونساء حملوا على عاتقهم تقديم خدماتهم لنا لننعم بحياة صحية آمنة، غير خائفين أو وجلين من فيروس كورونا الجديد Covid-19، الذي أخذ في نشر دائه عبر الدول والأقطار، وإن كنا مذعورين خشية إصابتنا به، فهناك أبطال جعلوا ملابسهم بيضاء كنقاء قلوبهم، تحملوا العبء، وقدموا أرواحهم لنعيش بين أسرنا سعداء، ويكون مجتمعنا صحيا آمنا.

ولهؤلاء أقول إنا لنخجل أن ندون عبارات شكر لفرد منكم، فقد عملتم لسعادتنا وقدمتم أرواحكم لنعيش آمنين سعداء، فأي كلمة شكر تدون لا توفيكم حقكم. وعلينا أن نكون لكم طائعين، ولنصحكم سامعين.


نقلا عن صحيفة مكة المكرمة