مكة: قصة الريادة في الطب!

أصدر الملك عبد العزيز رحمه الله في عام 1925م أمره بإنشاء (مصلحة الصحة العامة) في مدينة مكة المكرمة، وفي عام 1926م تم تحويلها إلى (مديرية الصحة العامة والإسعاف) بهدف الاهتمام بصحة المواطنين وحجاج بيت الله الحرام.

بدأت الإدارة الجديدة بوضع الخطط للعمل على الارتقاء بالخدمات الصحية والتوسع في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في المملكة إضافةً الى توفير الكوادر الطبية المؤهلة، بابتعاثها الى الخارج لدراسة الطب الحديث وبالأخص الى مصر لتميزها في المجالات الطبية في ذلك الوقت. ونظراً لتزايد الحاجة للخدمات الطبية تمت الموافقة على افتتاح كليات للطب تزامناً مع ابتعاث الكثير من أبناء المملكة لدراسة مختلف التخصصات الطبية، وصدر مرسوم ملكي في عام 1951م بإنشاء وزارة للصحة وتقلد حينها صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل رحمه الله حقيبة الوزارة كأول وزير للصحة في المملكة.

مثَّل أبناءُ مكة نسبة كبيرة من المبتعثين الأوائل لدراسة الطب في ذلك الوقت. بعد تخرجهم تقلّد الكثير منهم مناصب قيادية في المؤسسات الصحية.

فمن أبناء مكة الذين امتهنوا مهنة التطبيب على سبيل المثال، الدكتور هاشم عبد الغفار البغدادي -(ابن الطبيب والمصور الفوتوغرافي المكي عبد الغفار البغدادي)-، الذي لُقِّبَ بوكيل وزارة الصحة الدائم لأنه عمل وكيلاً للوزارة لمدة طويلة عاصر خلالها خمسةً من وزراء الصحة آخرهم معالي الدكتور حسين الجزائري.

ومن أوائل أبناء مكة الذين درسوا الطب أيضاً، الدكتور حامد هرساني والذي تقلَّد حقيبة وزارة الصحة في عهد الملك سعود رحمه الله. ومنهم أيضاً الدكتور عباس طاشكندي في تخصص العيون والدكتور عبد العزيز كردي أحد خريجي جامعة القاهرة في طب الباطنة عام 1377هـ، عمل طبيباً في مستشفى الزاهر بمكة، ثم مديراً لها في الثمانينيات من القرن الهجري الماضي. بعدها وصل جيل آخر من الخريجين من أبناء مكة، منهم الدكتور عبد الرحمن طه بخش أحد خريجي جامعة عين شمس عام 1965م، الذي يعتبر أول طبيب سعودي في مجال المسالك البولية والدكتور عصام خوقير الأديب السعودي وكاتب القصة المعروف والدكتور فرج الله وزنة، أحد أكثر الجراحين السعوديين شهرة في ثمانينيات القرن الهجري الماضي، والدكتور محمد أمين مقيم أول طبيب سعودي في طب المناطق الحارة وقد تقلد منصب مدير الشؤون الصحية بمنطقة مكة عام 1966م، والدكتور أسامة السباعي ابن الأديب المكي الكبير الأستاذ أحمد السباعي والدكتور سليمان فقيه الحاصل على بكالوريوس الطب من القصر العيني بالقاهرة في عام 1957م، وقد عمل مديراً لمستشفى أجياد والولادة بمكة ومديراً عاماً للشؤون الصحية لغاية العام 1978م.

وفي مجال الصحة النفسية الدكتور أسامة محمد الراضي، خريج جامعة عين شمس وأحد أبرز رواد الطب النفسي في العالم العربي والإسلامي ومؤسس مستشفى شهار في مدينة الطائف.

ومن أبناء مكة الذين خدموا في مجال صحة المجتمع الدكتور سلطان زمزمي مدير الوحدة الصحية المدرسية بتعليم مكة في منتصف ثمانينيات القرن الهجري الماضي.

رحم الله من مات منهم وأسبل على الأحياء نعمة الصحة والعافية.

نقلا عن صحيفة المدينة