نقل الحجاج من الجمل إلى القطار

قبل سنوات مضت، وليس عقود انتهت، كانت رحلة الحج لبيت الله الحرام من أصعب الرحلات التي يقطعها المسلم، فلا أمن موجود، ولا أمان سائد، وبعد أن وحدت الجزيرة العربية تحت راية واحدة بقيادة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله، استمرت قوافل الحجيج تتجه صوب البقاع الطاهرة ملبية نداء الحق تبارك وتعالى، ومع تلك التلبيات المتواصلة بدأت حركة العمل الجاد لخدمة حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتوزعت المهام والمسؤوليات وشكلت الفرق واللجان لتكون خدمات الحجاج في أبهى صورها، فبرز الاهتمام بالخدمات الأمنية والصحية، وإلى جانبها برز الاهتمام بخدمات نقل الحجاج، فكانت عملية نقل الحجاج من جدة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة «عرفات ـ مزدلفه ـ منى» تتم بواسطة الجمال، وكان للجمّالة هيئة يطلق عليها «هيئة المخرجين» تتولى مسؤولية إحضار الجمال والجمالة، و تتبعهم جماعة أخرى تعرف بـ «المقومين» وهم الذين يقدرون حمولة الجمل.

وفي عام 1352 هـ حددت أجور النقل ما بين جدة - مكة المكرمة - المشاعر المقدسة «عرفات، مزدلفة، منى»، وكان ذلك بخطاب وكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني رقم (3752) في 19 / 11 / 1352هـ لرئيس المطوفين حدد فيه الأجور ووقتها.

ومع ظهور السيارات كوسيلة نقل بدلا من الجمال، وضعت التنظيمات لتكون الخدمة المقدمة بصورة جيدة يستفيد منها الحاج، فصدر الأمر السامي الكريم رقم (11501) وتاريخ 3 / 7 / 1372هـ باعتماد نظام النقابة العامة للسيارات، كجهة تعمل على تنظيم عمليات نقل الحجاج وتوزيعهم بين الشركات التي سعى عدد من رجال الأعمال لإنشائها، فظهرت شركات «خميس نصار وباخشب باشا والعربية والمغربي والتوفيق والكعكي والداخلي»، والتي شكلت النواة الأولى لشركات نقل الحجاج، غير أن هذا العدد لم يستقر، فقد خرجت بعض الشركات ودمجت بعضها، فتقلص العدد إلى نحو 5 شركات.

وحرصا من الدولة على توفير أفضل الحافلات لنقل الحجاج بين مدن الحج جدة - مكة المكرمة - المدينة المنورة، إضافة لرحلة المشاعر المقدسة «عرفات ـ مزدلفة ـ منى»، تم ما بين أعوام 1395 ـ 1398 هـ تأمين نحو ألفي حافلة بلغت قيمتها (00/380.486.082 مليون ريال) وزعت على أربع شركات، واستحصلت قيمتها بأقساط على 15 سنة حسمت من إيراداتها لحساب وزارة المالية والاقتصاد الوطني.

ولعب تطور نظام النقل وتوفر البنية التحتية دورا في تشجيع المستثمرين ورجال الأعمال للاستثمار في مجال نقل الحجاج، خاصة بعد بروز نظام النقل الترددي للحجاج بالمشاعر المقدسة عام 1416هـ، فارتفع عدد شركات نقل الحجاج ليصل إلى نحو 52 شركة هذا العام، قادرة على نقل نحو مليوني حاج.

ومع تطور حافلات نقل الحجاج وارتفاع أعدادها، برز قطار المشاعر المقدسة الذي يربط مكة المكرمة بالمشاعر المقدسة «منى - مزدلفة ـ عرفات»، كوسيلة نقل جديدة، وبلغت تكلفته أكثر من ستة مليارات ريال وأدخل الخدمة عام 2010، وتشرف عليه هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة.

كما برز قطار الحرمين السريع كوسيلة نقل جديدة لنقل الحجاج والمعتمرين عبر خط سكة حديدية كهربائي يربط بين منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، مرورا بمحافظة جدة، بتكلفة إجمالية بلغت 63 مليار ريال سعودي، ويعد أول وأسرع قطار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويتكون المشروع من 35 قطارا، وكل قطار يحتوي على 13 عربة تبلغ سعة كل واحدة منها 417 مقعدا.

نقلا عن صحيفة مكة