« وأذِّن في الناس بالحج »
قال تعالي في محكم التنزيل: «وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتينَ من كلِّ فجٍّ عميق».
في مثل هذه الأيام من كل عام تجد مكة شرفها الله مكتظةً بضيوف الرحمن من كل جنسٍ وعرقٍ ولون، ترى شوارعها الواسعة تكثر على جانبيها حوانيت تبيع كل ما يحتاجه الحاج من أقمشة وجلديات وسجاجيد وأدوات كهربائية وأغذية وغيرها.. فنادق ونُزُلٍ فخمة وخانات بمختلف الدرجات والأحجام في كل مكان، كلها تعمل بتفانٍ في مجال خدمة ضيوف الرحمن والذين هم ضيوف بلاد الحرمين المملكة. في مثل هذه الأيام من كل عام تجد مكة شرفها الله عامرةً بالبَشَر ضاجةً بالحركةِ صاخبةً، تلمح في وجوه أهلها وزوارها القادمين من مختلف المشارب والبلدان، كل أنماط البِشْر والفرح، تسمع أناساً يتحدثون بلغات مختلفة وعادات مختلفة وهم يسيرون جنباً إلى جنب على عجلٍ وقد اكتست ملامحهم بالسكينة والوقار، تجدهم بين راكعٍ وساجدٍ وقارئ للقرآن ولاهج بالأدعية والذكر متمتماً بالاستغفار والتهليل والتكبير والتسبيح. الكل في مكة يتفانى في خدمة الحاج، الكل يشعر بالسعادة عند تقديمه لأية خدمة لضيف الرحمن حتى يتمكن الحاج من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام الذي شرف الله هذه البلاد المباركة ألا يكون إلا بأرضها:
نحج لبيتٍ حجّهُ الرسلُ قبلنا
لنشهد نفعاً في الكتاب وُعِدناه
فلا حج إلا أن يكون بأرضه
وقوفٌ وذلك في الصحاح رويناهُ
فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله أن شرف هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية أن تكون خادمةً لضيوف الرحمن حجاج بيته الحرام، ومنذ توحيد بلادنا المباركة على يد الملك المؤسس عبد العزيز رحمه الله وهي لم تدخر جهداً إلا بذلته وعوناً إلا قدمته ومالاً إلا صرفته، كل ذلك في سبيل تسهيل أداء شعيرة الحج بكل يسر وراحة لضيوف الرحمن من كل بقاع العالم، تقدمه لوجه الله تعالى دون منةٍ أو تمييز بين مسلمٍ وآخر لا فرق بينهم. فلا مجال في الحج للمناصب ولا مجال في الحج للعصبيات ولا لعصبية اللغة واللسان أو الشعارات، وتعكير صفو الحج، كل ذلك من أشكال الإلحاد والظلم، قال تعالى في كتابه الكريم: «ومن يُرد فيهِ بإلحادٍ بظلمٍ نُذِقهُ من عذابٍ أليمٍ».
فاللهَ أسأل أن يكون حجاً آمناً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً لكل حجاج بيت الله الحرام وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والقائمين على خدمة الحجاج خير الجزاء على كل ما يقدمونه لقاصدي البيت الحرام ومسجد نبينا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
نقلا عن المدينة