مكة : حافلات نقل الحجاج قديماً !!

بفضل من الله استتب الأمن في طرق الحج بعد توحيد المملكة على يد المؤسس رحمه الله والتي كانت قبلها تعاني من مخاطر قطَّاع الطرق، حيث كان الحجاج قبل توحيد المملكة يتنقلون بين الأراضي المقدسة إما مشياً على الأقدام أو ركوباً على الدواب.

حتى أمر الملك عبد العزيز في عام 1372 من الهجرة باعتماد نظام نقابة السيارات لتتكفل بنقل الحجاج إيذاناً بدخول الحافلات وإنشاء شركات تتولى نقل الحجيج بين مدن الحج الثلاث، فتأسست مجموعة من الشركات منها، الكعكي (التوفيق) وخميس نصار وباخشب باشا والمغربي والشركة العربية.

في البداية واجهت هذه الشركات مشكلة عدم توفر السائقين السعوديين لكن ومع مرور الوقت تقدم الكثير من أبناء مكة للانخراط في خدمة الحجاج كسائقين بمقابل شهري في حدود 200 ريال وكان في ذلك الوقت مبلغ لا بأس به، لدرجة أن قيادة الحافلات في فترة الحج من كل عام أصبحت عادةً سنويةً يشارك فيها الكثير من أبناء مكة.

استقطبت الشركات أبناء مكة وبعض القادمين من الدول الشقيقة من عربية وإسلامية. ولا زال في الذاكرة بعض الأسماء التي أطلقها أبناء مكة تندراً على بعض حافلات الحجاج التي يقودونها سنوياً في فترة الحج مثل «الزيتوني» و»أبو عيون جريئة» لبعض حافلات شركة التوفيق و»شاهي وحليب» إحدى حافلات شركة باخشب باشا لأن لونها أقرب ما يكون للون الشاي بالحليب و»الحنش» نظراً لطوله و»القُطمة» لصغره و»الديمونتي» لثقله وهو من ضمن حافلات الشركة العربية آنذاك.

وكان الواحد منهم يشعر بالفخر والسعادة عند إعادة الحافلة بدون أية حوادث لأن الشركة عندها تقوم بصرف مكافأة مالية على ذلك. وأذكر قبل أكثر من 40 عاماً تقريباً ونحن في مقتبل العمر كان السائقون من أبناء حي المسفلة يتجمعون في مقهي الوالد رحمه الله في شارع إبراهيم الخليل من مناطق متفرقة من الحارة، فعلى سبيل المثال، من دحلة الرشد كان محمود يماني وسعيد المولد الشهير بـ(قعطبة) ومحمد الهندي الشهير بـ(القسّام) لأن والده كان مسؤولاً عن قسامات المياه، وعم شحات الشهير بـ(هيامه) ولاعب الوحدة الشهير إسماعيل حبشي وأحمد سادة الملقب بـ(رب الحديد) لتميزه في القيادة ومعرفته بالميكانيكا وأحمد حذيفة وجميل عاشق الشهير بـ(الخشم) وضيف الله بن علي، ومن شارع الهجرة أذكر من السائقين إسماعيل طاهر لاعب فريق الشباب وقتها وعم عبد القادر شيخ البدو وأبو البنية ومكاوي الشهير بـ(أبو الهوي)، ومن الكنكارية كلاً من هاشم الشريف الملقب بـ(البطريق) وعبد المحسن الشريف وأبو شيخه وصالح الحاج وشنيف الحربي وأبو عرية.

والملاحظ أن هذه الشركات لم تستمر طويلاً، إلى أن ظهرت بعض الشركات التي تعمل حالياً على نقل الحجاج بحافلات حديثة ومكيفة بين مدن الحج والمشاعر المقدسة ولم نعد نشاهد ذلك العدد من السعوديين الذين كانوا يشاركون في نقل الحجاج قديماً.

جريدة المدينة