إدارة الحشود بالمسجد الحرام أنموذج عالمي
في مشهد مهيب يكتسي المسجد الحرام بحشود غفيرة طاهرة جاءت يهفوها الشوق لشعائر الدين.. في أقدس بقعة في الكون إنها مكة بيت الله الحرام وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم..
وهي تظل محل قدسية وعظمة واهتمام بالغ من ولاة الأمر في هذه البلاد الطاهرة ومنذ توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وحتى هذا العهد الميمون عهد سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله- حيث يشهد الحرم المكي أكبر توسعة في تاريخه بمساحة بناء تصل إلى 1,470,000م2 واستيعاب أكثر من مليون مصلٍّ.
حتماً هذا المكان بهذه الحشود يحتاج إلى إدارة خاصة وقد حققت بحمد الله تعالى المملكة العربية السعودية نجاحات متتالية كل عام في إدارة الحشود في موسمي رمضان والحج كأكبر تجمع إسلامي عالمي .
ولكن موسم رمضان هذا العام كان استثنائياً، فقد شهدت مكة المكرمة ثلاث قمم: خليجية، وعربية، وإسلامية؛ وهي التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - يحفظه الله- مستحضراً قدسية الزمان والمكان بتوحيد الصف العربي الإسلامي وجمع كلمة المسلمين على الحق وذلك في ظل التطور الدراماتيكي السياسي والعسكري في المنطقة وما قامت به إيران من تهديد للملاحة في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة واستهداف الحوثيين لمحطات نفط سعودية، ولما لذلكم من تداعيات خطيرة على المنطقة والعالم؛ فقد كان لابد من التشاور مع الأشقاء في الخليج والدول العربية والاسلامية.
بل وقبل ذلك أقيم المؤتمر الدولي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي حول (قيم الوسطية والاعتدال) لصياغة وثيقة مكة المكرمة.. كل ذلك جعل العالم يقف مشدوهاً أمام هذا الحشد الإسلامي وما يحتاجه من توفير للأمن والحماية مع وجود أكثر من مليون معتمر على بعد أمتار من تلك القمم ومع ذلك سارت الحشود بإنسايبة عاليةٍ..
ولعل الأمن الداخلي السعودي هو مفخرة للوطن في إدارة الحشود وعلى تسيير حركة الزوار والمعتمرين، وتحويل محطات المنافذ الى مواقف لرحلات ترددية لنقل المعتمرين وعلى مدار الساعة للمسجد الحرام . ويشمل التنظيم الساحات، والتوسعات، وصحن المطاف، والمسعى.. من خلال رصد الملاحظات وتحليلها ومن ثم إيجاد الحلول لها.
ويساند أولئك قوات الأمن الخاصة ولعل دورهم الإنساني في حمل كبار السن ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة أو الاطفال لهو دور يشهده العالم في أروع ملحمة إنسانية تندر أن توجد في المجتمعات الإنسانية الأخرى؛ فقد اتخذوا من القيادة الرشيدة قدوة لهم فلقب خادم الحرمين الشريفين الذي هو وسام شرف لحكام المملكة جعل أبناء هذه الدولة يستشعرون شرف الخدمة لمساعدة ضيوف الرحمن في أداء مناسكهم..
بل هناك من يرصد الحشود من سماء مكة المكرمة وهم قوات طيران الأمن التابع لرئاسة أمن الدولة ويؤدون مهام خاصة بأحدث أجهزة المراقبة والتحليل والرصد للظواهرالأمنية والمرورية وإرسال التقارير الفورية للجهات المعنية، ومن مهامهم الإسعاف والإخلاء الطبي، والإنقاذ، والدعم اللوجستي.. لجميع الأجهزة الحكومية حيث يغطي طيران الأمن أجواء مكة المكرمة والطرق المؤدية إليها.
ويضبط الحركة أيضاً أساليب التوجيه والإرشاد والتوعية من خلال ميكروفونات وأجهزة حساسة على ابواب المسجد الحرام؛ حينما يمتلئ المكان فتُوجه الحشود إلى الأبواب الأخرى بظهور ألوان الكترونية حمراء بامتلاء المسجد من الداخل.
تحية إجلال وتقدير لرجال الأمن الداخلي وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأميرعبدالعزيز بن سعود بن نايف على الجهود الجبارة في إدارة الحشود، فقد جعلوا الدولة السعودية أنموذجاً عالمياً في إدارة الحشود.
المصدر : المدينة 9 شوال 1440 هـ