أزقة حي المسفلة !!
الزقاق جمعه «أزقة»، وهو الدرب أو الرواق الضيق بين الدور. وهذا الممر الهندسي «الزقاق» يوجد عادة في الأحياء القديمة للمدن العتيقة خاصة في عواصم أوروبا والعالم العربي القديمة.
وقديماً كانت تشتهر مدينة مكة المكرمة وأحياؤها بهذه الممرات الضيقة، وجُعل المثل الشهير «أهل مكة أدرى بشعابها» كنيةً على الشبكة المعقدة من الأزقة والشعاب التي اشتهرت بها المدينة المقدسة.
ويعود السبب في وجودها للطبيعة الجغرافية لمكة المكرمة، حيث تحاط المدينة بالجبال والشعاب والأودية التي كانت تصب باتجاه المسجد الحرام وقت هطول الأمطار، وقديماً، كان سكان مكة المكرمة يبنون منازلهم حول البيت الحرام، ونظراً لقلة المساحات حول الحرم ولأهمية الجوار الكريم اضطر السكان أن يعمّروا مساكنهم حول شبكة ممرات أو طرق فرعية بين مساكنهم، وهذه الممرات تكون في الغالب بعرض لا يزيد عن أمتار قليلة. وقد سميت تلك الممرات الفرعية بالأزقة. وكان بعضها من شدة الضيق يصعب على رجلين أن يسيرا جنباً الى جنب بها، وكانت الجِمال في السابق بحمولتها كفيلة بعرقلة الحركة أكثر مما تفعله عربة معطلة في أحد شوارع مكة المكرمة في هذه الأيام.
وحي المسفلة كغيره من الأحياء المكية القديمة بها الكثير من الأزقة أو الممرات الضيقة بسبب صغر المساحة العمرانية للحي قديماً وكانت أزقتها لها مسمياتها المعروفة؛ أزقة حي المسفلة تبدأ بزقاق البرسيم الذي يربط «السوق الصغير» وبداية شارع حمزة بما يسمي قديماً بـ «حوش العمري» شمالاً إلى «بستان باخطمة» من جهة الجنوب. ومن أشهر أزقة حي المسفلة التي لازالت في الذاكرة؛ زقاق البرسيم كما ذكرت، كما زقاق «البخارية» الرابط بين شارع حمزة وشارع الهرساني، كما يقابله من ناحية شارع حمزة زقاق «هاشم بدر» (الفرن) الرابط بين شارع حمزة وشارع إبراهيم الخليل، وزقاق «القلعة» الرابط بين شارع الهرساني وحي أجياد مروراً بقلعة أجياد والذي ينتهي بالقرب من مطعم «حجي معروف» قبل التوسعة. ومن الجهة المقابلة هناك زقاق «النايته» الواصل لنهاية جبل عمر. ومن الأزقة غير النافذة في تلك المنطقة زقاق «باجابر» وزقاق «الناصرية» وزقاق «الخزامي» وزقاق «المطيري» وانتهاءً بزقاق «الدبلول». وبالامتداد جنوباً هناك الزقاق المشهور بزقاق «السعدة» عند سوق «البرنو» في شارع ابراهيم الخليل وزقاق العساس الرابط بين إبراهيم الخليل و»دحلة الولاية» وانتهاءً بزقاق «الجاوي» الذي كان يربط بين شارع إبراهيم الخليل وشارع الهجرة، ولا زال جزء من هذا الزقاق موجوداً إلى يومنا هذا.
في وقتنا الحاضر نجد أن الكثير من أزقة حي المسفلة أزيلت بسبب التوسعات التي قامت بها المملكة خدمة للحجاج والمعتمرين غير أنها لازالت في ذاكرة أبناء هذا الحي العتيق شاهدةً على ذكريات الصبا والنشأة وتكاتف وتلاحم أبناء الحي الواحد وقربهم وسعة قلوبهم التي لا ترى من ضير في ضيق الزقاق.
المدينة الأربعاء 22 / 05 / 2019