أستاذتي الدكتورة جميلة
نستند دائما في حياتنا إلى قاعدة من العطاء الذي قدمه أناس لاتزال بصماتهم الأولى ذات أثر في حياة الكثيرين، أجد نفسي اليوم أكتب عن نجمة من نجوم هذا الوطن المعطاء، برزت في الشأن الأكاديمي وعلى الخصوص بمهنة طب الأسنان، ومن الصعوبة بمكان اختزال دورها وإنجازاتها وما قدمت في مقالة كهذه، إنها
الأستاذة الدكتورة جميلة بنت محمد علي فارسي الأكاديمية والطبيبة والباحثة
عاصرت الدكتورة جميلة وأستطيع أن ألخص ذلك بثلاث مراحل:
ً المرحلة الأولى، وكانت إبان التحاقي طالبا بكلية طب الأسنان بجامعة الملك عبدالعزيز عام 1989 ،وكنت بالدفعة الثالثة وكما يحلو للبعض تسميتها بدفعة العمداء، كانت الدكتورة جميلة مؤسسة ومشرفة على البرنامج وبذلت الكثير من الجهد لتكون الكلية على أعلى المستويات وكانت الإدارية القوية والصارمة التي لا ترضى دائما إلا بالأفضل، ويكفي أنها عملت بوقت وظروف صعبة وهي امرأة وقائدة آنذاك فواجهت الكثير من المعوقات والصعوبات المختلفة، واستطاعت التغلب عليها بفضل من الله ثم بفضل عزيمتها الكبيرة، وها هي الكلية اليوم تخرج الدفعة 27 ولتصبح من أكبر وأرقى الكليات على مستوى المملكة والمحيط الإقليمي.
المرحلة الثانية عاصرتها ت َ علم وتَتعلم، كانت أستاذتي الأكاديمية في مادتي أحياء الفم وأغشية الفم، فتعلمت منها الدقة والجدية والالتزام ثم أشرفت علي بأحد مشاريع التخرج البحثية فتعلمت منها مبادئ البحث العلمي ومصداقيته والطريقة المثلى للطرح والنشر، وأتذكر مليا تشجيعها ودعمها باستمرار، بعدها ورغم وصولها لمكانة عالية بالسلم الإداري وإلى مرتبة الأستاذية وهي أعلى المراتب العلمية لم تتوقف عن التعلم وتطوير نفسها، فكانت تحضر العديد من المحاضرات والدورات وبالذات بالتعليم الطبي الذي حصلت على الماجستير به أخيرا من كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز لتعطينا مثلا ودرسا آخر في التفاني وعدم التوقف عن تطوير الذات وطلب العلم والإنتاج.
المرحلة الثالثة عاصرتها وأنا عميد ومؤسس لكلية طب الأسنان بجامعة أم القرى، حيث كنت أستشيرها وباستمرار بكل النواحي الإدارية منها والأكاديمية، وقد اشتركت مع فريق العمل لدينا والفريق الأمريكي بكتابة وإعداد منهج الكلية الذي كان أحد مفاتيح التميز والتفوق، نالت على إثره الكلية الكثير من الإشادات المحلية والعالمية ونيل مراكز متقدمة.
أخيرا وبعد تقاعد أستاذتنا الدكتورة جميلة أنا على ثقة من استمرارها في العطاء والإنتاجية هكذا تعلمنا منها، فأسأل الله تعالى أن يديم عليها ثوب الصحة والعافية وأن يجعل ما قدمت في ميزان حسناتها
المصدر : عكاظ 1440/8/7هـ