جدة تودع الفنان محمد سعيد فارسي

ودعت جدة أحد الأمناء البارزین في تاریخھا، معالي المھندس محمد سعید فارسي وفنان جدة كما یسمیھ البعض. استطاع بدعم القیادة السعودیة أن یقفز بمدینة جدة التاریخیة إلى مدینة جدة العصریة، كان عاشقًا لھا، ً شواطئھا وبیوتھا القدیمة، ومصمما لعمارتھا الحدیثة، استطاع أن یحول الشواطىء المغلقة بین أسوار رجال الأعمال والنفوذ وورثة الأغنیاء إلى شواطىء لعشاق بحر جدة من سكانھا وزوارھا أغنیاء وفقراء، ً ا أو رئیسا اعتیادیًا فقد ً كان في الأصل مخططا لمستقبل جدة، ثم منفذًا للخطط التي وضعھا، لم یكن أمینً كان صدیقًا للأدباء والفنانین والصحفیین والدبلوماسیین، كان فنانًا ورائدًا للحركة الفنیة، استطاع أن یخرج الفن واللمسات الفنیة من المعارض المغلقة الى المعارض المفتوحة وسط المیادین والحدائق. 

شارك ذوي المشاریع العمرانیة بفكره الھندسي والفني وأدخل التراث القدیم للبناء الحدیث. كان له بُعد إنساني كبیر في مساعدة المؤسسات الصغیرة والمتوسطة، ساھم في دعم تطور وتطویر جامعة الملك عبدالعزیز بجدة في بدایة التأسیس، وكان یداوم بشكل یومي في أحد مبانیھا لتطویر المنطقة المحیطة بالجامعة، وشق العدید من المنافذ والطرق إلى الجامعة بعد أن كان لھا منفذ واحد وھو الطریق المؤدي إلى مكة المكرمة، ساھم في دعم التعلیم فكان من أوائل الرواد لدعم مدارس دار الفكر منذ أن كانت فكرة إلى مشروع إلى إبداع، له دور كبیر في إنشاء النادي الأدبي في جدة وخصص الأرض وتبنیت أنا والشیخ اسماعیل أبو داوود رحمھ الله مسؤولیة تكملة بناء المبنى وتجھیزه. 

كان أكبر داعم لتجھیز المستشفیات الخاصة بجدة كما كان داعم ٍ ا لإنشاء مبان مخصصة للصحف السعودیة الصادرة من مدینة جدة، صاحب الفضل في دعم إنشاء مركز المعارض ومدینة المستودعات التابعة للغرفة التجاریة الصناعیة. ً ا لمدینة جدة وأنا أمین الغرفة قبل حوالي أربعین عاما.

تزاملت معھ وھو أكبر مني سنًا عندما كان أمینً وكان أكبر مساعد لي وداعم ومساند للتجار والصناع، عرفتھ عن قرب وكانت مواعیده الصباحیة ترھقني ً حیث یداوم في مكتبھ من السابعة صباحا ویبدأ صباحھ بفنجان القھوة التركیة التي یصعب منافسة صانعھ، یؤمن بالعمل المیداني ویكره العمل المكتبي، وفي بدایة تطویر جدة واجھتھ حملة معاكسة ضده من بعض رجال الأعمال المحتكرین للبحر والشواطىء ولكنھ لم یكترث لھم وقدم المصلحة العامة على الخاصة.

ھذا بعض من تاریخ فنان جدة محمد سعید فارسي والذي غاب عن ذاكرة الجیل الجدید، لكن جیلي وجیل من قبلي یذكرون إنجازاتھ، والیوم یذكرنا إنجاز الأستاذ صالح التركي أمین مدینة جدة الحالي بإنجاز وعمل وابداع محمد سعید فارسي لأن الحركة التطویریة التي نعیشھا الیوم في جدة تذكرنا بماضي محمد سعید فارسي.

رحم الله معالي المھندس محمد سعید فارسي أمین مدینة جدة الأسبق وعزاؤنا للوطن ولأھل جدة ولأمانة جدة ولعائلة الفارسي في مكة المكرمة وجدة.


المدينة 1440/6/30هـ