الجناح السعودي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب: معرض في حد ذاته
مابين معرض جدة للكتاب في يناير 2019 ومعرض الكتاب بالرياض في مارس المقبل جاء معرض الكتاب بالقاهرة في يوبيله الذهبي، والذي شاركت فيه المملكة بجناح وكأنه معرض قائم بذاته ، حيث شهد هذا الجناح الذي شغل مساحة كبيرة من المعرض تميزاً وإقبالا كبيراً من الزوار، الذين تهافتوا على اقتناء الكتاب السعودي بشكل لافت.
وقد شمل الجناح السعودي العديد من الكتب والاصدارات في مختلف المناحى الثقافية، التي تسهم في التعريف بالمملكة عبر الكلمة المقروءة. كما تنوعت أركان الجناح التي شملت صور ومجسمات الحرمين وكسوة الكعبة المشرفة وماء زمزم، وهدايا وصور تذكارية للحرمين الشريفين، وركن الطفل، والفن التشكيلي، والسلام عليك أيها النبي ، إضافة إلى فعاليات الصالون الثقافي التي تضمنت إقامة عدد من الأمسيات الشعرية والقصصية والندوات المتخصصة، واستضافت عددا من المفكرين والكتاب والمثقفين، جنبًا إلى جنب مع العديد من الشخصيات البارزة . وتكللت بركن توقيعات الكتب وتوزيعها على الحضور عقب كل ندوة كهدايا من قبل المؤلفين.
ولابد وأن العديدين من رواد المعرض لمسوا مظاهر الجمال والرقي والروعة في الجناح السعودي، وعلى الأخص الصالون الثقافي، حيث كانت الندوات التي كانت تعقد في الغالب بمعدل ثلاث ندوات يوميًا ويتحدث فيها الكتاب عن كتبهم، والتي أشرف على ترتيبها وتنظيمها الملحقية الثقافية السعودية بقيادة سعادة الدكتور خالد عبد الله النامي لتجيىء تلك الندوات قمة في الاتقان والإبداع بما حفلت به من موضوعات متنوعة ومداخلات ونقاشات وتعليقات أكسبتها طابعًا متفردًا لا سيما وأن الحضور كانوا من جنسيات عربية مختلفة، لكن جمعتهم رابطة الثقافة وحب المملكة والتوق إلى معرفة ينابيعها ورموزها الثقافية والفكرية والتعرف إلى عقول وأفكار أبنائها من الأجيال الجديدة المسلحة برؤية السعودية 2030.
ولعله ليس من قبيل المبالغة القول إن الجناح السعودي كان معرضًا داخل المعرض، ليس فقط لاتساع مساحته التي بلغت ٢٠٥٢ متر مربع ، وإنما أيضًا لتنوع أقسامه والتي وجدت إقبالا منقطع النظير من قبل جمهور واع ، وعلى الأخص الركن الخاص بحياكة جزء من كسوة الكعبة المشرفة التي يشارك فيها الزوار، وزيارة مجسمات الحرمين والركن الخاص بالآثار النبوية، إضافة إلى الصالون الثقافي.
وفي يوم الخميس الموافق ٣١ يناير ٢٠١٩ كنت على موعد مع القدس في الصالون الثقافي بجناح المملكة ، من خلال كتاب "عروبة فلسطين والقدس للأطفال واليافعين" الذي شاركت في تأليفه مع الباحث الفلسطيني الأخ د.إبراهيم فؤاد عباس، والذي استهللناه بكلمات خادم الحرمين الشريفين :القدس الشقيقة الثالثة لمكة والمدينة". وحيث وفرت الندوة الفرصة أمام الجميع ممن تواجدوا في ذلك اليوم في ذلك المكان المستضيء عن حبهم للقدس التي تعتبر كلها أقصى، وتعتبر كلها وقف إسلامي، تلك المدينة التي تقدست بخطوات أنبياء الله والتي ظلت تعرف بأن مسجدها الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليه وسلامه عليه.
وفي الحقيقة كانت الندوة متميزة، ليس بسبب موضوعها الشغوف فقط، وإنما أيضًا لأن محبي القدس وجدوا في الكتاب – من خلال عرض الباور بوينت- شعلة تضىء لهم الطريق إلى القدس، إن لم يكن من خلال الواقع الملموس فهو من خلال الواقع الافتراضي المعبر عنه بالكلمة الصادقة، والمعلومة الصحيحة ، والوثيقة الدامغة ،والصورة المعبرة.. بحيث نقلنا هذا الواقع إلى شوارع القدس العتيقة نتنسم من عطرها عبق تاريخ ظل عربيًا بامتياز على مدى خمسة آلاف عام وتزيد..
وشدتني المعلومة التي تواكبت مع الحدث عندما علمت أن المغفور له بإذن الله والد سعادة الدكتور خالد النامي – شارك في حرب فلسطين عام 1948. ووجدت حرصًا شديدًا منه كي يكون الصالون الثقافي السعودي متميزًا بتوفير وتحقيق كافة عوامل النجاح لفعالياته، ومابدر منه في يوم الندوة عندما بدأ صوت (المايك) يعلو من مكان قريب، سارع بنفسه لمعالجة الموقف، كي لا يؤثر الضجيج سلبًا على مجريات الندوة.
ولا أنسى أن أنقل تحياتي وشكري لجهود سعادة الأستاذ عبد الله الحمد المشرف على البرنامج الثقافي في إنجاح تلك الفعاليات التي قدمها الصالون السعودي على مدى أيام المعرض، والشكر لسعادة الزميلة الفاضلة د. بسمه السيوفي التي أدارت الندوة باحترافية واقتدار، والشكر موصول لسعادة الأخ د. إبراهيم فؤاد عباس على حضوره ومشاركته وأجوبته على أسئلة الحضور ومداخلاته الرصينة.
وقد تكللت فرحتي بتشرفي بلقاء سعادة السفير اسامة النقلي على هامش المعرض في مقر السفارة وإهدائه نسخة من الكتاب، وسعدت كثيرًا بحفاوة الاستقبال، الذي أشعرني بأننا محظوظين بطواقمنا الدبلوماسية عبر العالم التي تمثل واجهة حضارية لبلاد الحرمين الشريفين أعزها الله بخدمتهما وخدمة الزوار والحجاج والمعتمرين وقضايا أمتها وفي مقدمتها قضية القدس الشريف .