تطور نقل الحجاج
بعد أن وضع الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- لبنات بناء المملكة، وقضى على قطاع الطرق ونشر الأمن والأمان، بدأ في وضع النظم والإجراءات لتمكين حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم من أداء نسكهم بيسر وسهولة، فنظر إلى وسائل نقل الحجاج المستخدمة، وعمل على تطويرها بعد أن كانت وسائل النقل تعتمد على الجمال، وتتولى (هيئة المخرجين) إحضار الجمال والجمالة، ويعمل (المقومون) على تقدير حمولة الجمل، ودخلت الحمير والبغال في نقل الحجاج، عبر دروب كانت تسلكها عرفت بدروب الحجاج، كدرب السيدة زبيدة (طريق الحيرة، مكة المكرمة)، ودرب الحاج المصري، ودرب الحاج الشامي (دمشق/المدينة المنورة).
وقد سمح الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ بدخول السيارات واستعمالها، فكانت أولى سنوات دخولها ما بين عامي 1343ــ1345، واستخدمت في نقل الحجاج ما بين جدة ــ مكة المكرمة ــ المدينة المنورة.
وقامت الدولة بتأسيس عدة شركات لكنها واجهت مشكلة عدم توفر السائقين والميكانيكيين لإدارة وتشغيل هذه الشركات، فـتم استقدام السائقين والميكانيكيين من السودان ومن عدن ومن الهند، وكانت الأجور التي تدفع للسائقين والميكانيكيين مرتفعة بحيث أغرت الكثير من هذه الفئات للقدوم إلى الحجاز والعمل في هذا المجال، وبالإضافة إلى ذلك كانت الطرق غير مهيأة لسير السيارات عليها.. فلم تكن هنالك طرق معبدة أو مسفلتة، وكانت السيارات تغرز في الرمال في منطقة الحديبية التي تسمى في الوقت الحاضر «حدا»، ويقوم الركاب بدفعها لإخراجها من الرمال، فكانت الرحلة من جدة إلى مكة بالسيارة الصغيرة الجيدة تستغرق ساعتين إن لم تزد على ذلك.
وفي عام 1372 صدر الأمر السامي الكريم رقم (11501) وتاريخ 3/7/1372هـ باعتماد نظام النقابة العامة للسيارات، لتبدأ الخطوات الأولى لبروز شركات نقل الحجاج، فكانت شركة خميس نصار، وباخشب باشا، والعربية، والمغربي، والتوفيق، والكعكي، والداخلي، لكن هذه الشركات لم تستمر طويلا، إذ خرج البعض منها ودمج البعض الآخر، فأصبح عددها لا يتجاوز الخمس شركات.
وبين مرحلة سابقة وأخرى حاضرة نجد أن عدد الشركات العاملة في نقل الحجاج تضاعف مرات عدة، ليصل إلى قرابة الثلاثين شركة تمتلك أسطولا من الحافلات الحديثة والمكيفة لنقل ما لا يقل عن مليون ونصف المليون حاج بين مدن الحج: جدة ـ مكة المكرمة ـ المشاعر المقدسة «عرفات، مزدلفه، منى» ـ المدينة المنورة.
ويؤكد نقل الحجاج تطوره داخل منظومة الحج التي حرصت حكومة المملكة العربية السعودية من خلالها على توفير أفضل الخدمات لقاصدي البيت الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم.
صحيفة مكة 1438/11/24هـ