مَعاد.. وشذى مكة المكرمة!
قال الله عز من قائل مخاطباً نبيه ورسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم «إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد»، وجاء في تفسير ابن كثير: أن الرسول لما خرج من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى أم القرى فأنزل الله عز وجل عليه هذه الآية الكريمة.. أي لرادك إلى مكة، وقد كان ذلك في عام الفتح.
وبين يدي كتاب أنيق باللغتين العربية والإنجليزية يحمل عنوان «معاد» مزين بالآية الكريمة وبصورة للمسجد الحرام، ألفه الدكتور بكري بن معتوق عساس مدير جامعة أم القرى، وقدم له الدكتور علي بن عباس الحكمي عضو هيئة كبار العلماء الذي وصف محتوى الكتاب بأنه «باقة عطرة متنوعة من المقالات، تفوح بشذى مكة وعبيرها، وتغمر قلب قارئها بفيض الحب لهذا البلد الطاهر»
ولما ولجت إلى مقالات الكتاب وجدتها كما وصفها الدكتور الحكمي، فقد قرأ المؤلف العساس العديد من الكتب عن أم القرى ليخرج للقارئ باقته المتنوعة من مقالاته عن مكة المكرمة، مضيفاً إلى قراءاته لمحات فكرية مثل قوله في مقال تحت عنوان: «مكة والسماء»: إن الصلة بين مكة والسماء قديمة بدأت بهبوط أبي البشر آدم عليه السلام إلى الأرض وتجددت الصلة في عهد النبي الكريم إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل، وتوجت ببعثة المصطفى عليه الصلاة والسلام ونزول الوحي كآخر رسالة وآخر رسول إلى البشرية قبل موعد الحشر.
واستعرض المؤلف بعض ما جاء في رسالة التابعي الجليل أبي الحسن البصري المولود عام 21هـ وما فيها من فضل لمكة وساكنيها، وهي رسالة فيها العجب العجاب عن مزايا وأفضال البلد الأمين.
ونقل عن كتاب صدر باسم «كيف غير الإسلام حياتي؟» للإعلامية الألمانية كريستيان باكر المذيعة السابقة في القناة الموسيقية الأوروبية «إم تي في»، كيف أنها على الرغم من الشهرة والأضواء والمال كانت تشعر بفراغ روحاني كبير، وأنها لما دخلت في الإسلام أدركت أن من يسد ذلك الفراغ هو الإيمان بالله وحده، ثم وصفت مشاعرها السخية وهي في مكة المكرمة والمدينة المنورة مؤدية فريضة الحج زائرة لطيبة مسلِّمة على ساكنها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وذكرت أن أسرتها تفهمت موقفها بعد أن حاورتهم حول الإسلام وأدركوا ما هي فيه من سعادة فاحترموا إرادتها بل وتوقفوا عن تقديم لحوم الخنزير والكحول في الموائد التي تقام في المنزل، أما عملها فقد خسرته، ولكنها لم تأبه بذلك لأن ما عند الله هو خير وأبقى.
وفي الكتاب العديد من المقالات الجميلة وهو باكورة إنتاج المؤلف الذي أرجو أن يحظى بما يتمناه من ذيوع وما يحققه من فائدة ومتعة.
عكاظ 1438/2/23هـ