تطوير مكة.. الواقع والمأمول

أثار شجوني مقال كتبه أستاذنا محمد الحساني بهذه الصحيفة الأحد الفائت بعنوان «الإخفاق في تنفيذ الأنفاق » عن مخطط كان جاهزا لإنشاء أنفاق بالعاصمة المقدسة لخدمات الماء والكهرباء والهاتف منذ ثمانينات القرن الهجري الماضي، وعن لجنة كانت قائمة للتنسيق بين المشاريع الحكومية لمنع تكرار حفر الشوارع وإعادة السفلتة، إلا أنه لا مخطط الأنفاق نفذ ولا لجنة التنسيق نجحت في مهمتها، ومازلنا بعد نصف قرن، كما يقول الأستاذ، تمدد خطوط خدماتنا بطرق بدائية حسب طريقة احفر وادفن.

لن «أعدد» مشاريع أو خطط تطوير مكة عبر نصف قرن، جميعنا يعرف حرص الدولة منذ أيام المؤسس على الاهتمام بمكة، وبالأمس شدد خادم الحرمين الشريفين في لقائه بمثقفي البلد على محورية مكة في خطط الدولة، وكان أميرها ومازال ينتظر الكثير من مسؤوليها، ولا تدري أهو تقصير من أولئك المسؤولين أم من رؤسائهم في الوزارات، برغم أن كل ما يصرف على مكة يعتبر استثمارا، له عائد لها وللدولة ككل آنيا وآجلا. ولن أكرر حديثي عن بناء الأبراج لاستيعاب الحجاج الذي لم يقابله تطوير البنية التحتية التي بالكاد تفي بحاجات سكانها، بل قابله هدم الكثير من المنازل قبل تجهيز البديل لهؤلاء السكان، وجميعه يخالف توجيهات الملك والأمير المشددة.

التخطيط، وبالخصوص تخطيط المدن، يتطلب جهة مركزية تنبع منها أو تؤول إليها كل خطط التطوير، وخلال العشرين عاما الماضية فقط تكاثرت الخطط على مكة فما تدري مكة ما تصيب، بعضها متضارب أو متعارض زمانا أو مكانا. ولحرص الدولة أنشئت هيئة لتطوير مكة لكنها لم تطور شيئا فأهملت ثم عادت تتوكأ، فصل تخطيط المشاعر عنها ثم أعيد ولم يحدث جديد، تبنت مشاريع هنا أو هناك بمكة لا تدري عنها أمانتها ولا هيئة تطويرها، مرورها لم يعد يدري عن مشاريع وزارة النقل بها، وهذه الأخيرة لا تدري عن مشاريع وزارة الكهرباء فيها.حضرت قبل شهرين معرضا أقامته هيئة «تطوير مكة والمشاعر» عن مشاريعها، مشاريع عملاقة وجميلة ولما سألت عن مواعيدها قالوا لم تعتمد ولم يرصد لها بعد، برغم أن معظمها تم تصميمه لمشاركة القطاع الخاص ولن يكلف خزينة الدولة شيئا، لكني أخشى أن تتعارض مع مشاريع أخرى لجهات أخرى.

تحتاج مكة هيئة مركزية للتخطيط تعيد هيكلة جميع المشاريع التطويرية وتركز على البنية التحتية، ما تحتاجه هذه الهيئة نظرة شمولية للمدينة ومستقبلها الآني والآتي، تحتاج الهيئة مسؤولا متفرغا لمتابعة مشاريعها ومنع أية جهة من التعديل أو التغيير، وقادرا على المنافحة عن خططها، المدروسة والمعدة بعناية من مختصين، لدى الجهات العليا المنتظرة لجهوده، ولدى أمير المنطقة المعروف بحبه لها، تحتاج مسؤولا يعلم أن هناك مبدأ للثواب والعقاب ينتظره لا مجرد الإقالة.

عكاظ 1437/1/17هـ