رحم الله الشيخ عمر

 

.. لم يكن الشيخ صالح كامل من الأثرياء في مطلع حياته، ولكنه جد واجتهد وأصبح من كبار الوجهاء الذين لا يبخلون بالإحسان والمساعدات للفقراء والأرامل والمساكين.

وفي لقاء لي معه بالمدينة المنورة في أوائل الثمانينات هجرية، رأيت كم يبذل من المال في مجال الإحسان، فقلت لسعادته: إن في مكة وجدة كثيرا من الذين لا يسألون الناس إلحافا، فهل من سبيل لمساعدتهم؟ فرد قائلا: أعطني أسماءهم لتنال نصيبك من الأجر.

ومن يومها أخذت أجمع طلبات ذوي الاحتياجات الخاصة لأقدمها للشيخ صالح عند لقائي به، فيمنحهم ما قسم الله لهم.وذات عام، مرت شهور لم يجمعني لقاء بالشيخ صالح، فكثرت الطلبات وأخذ أصحابها يلحون، وفي يوم كنت في زيارة الأستاذ حامد حمد الله مدير مكتب معالي وزير المالية، فإذا بالشيخ صالح يدخل علينا برغبة مقابلة معالي الوزير.فانتهزتها فرصة وقلت له: لقد كثرت أوراق محتاجي المساعدة، وكثر إلحاحهم بسبب طيلة المدة التي لم ألقك خلالها؟ فقال: وليش تتعب نفسك وتتعب المحتاجين بالتردد عليك! متى ما تجمعت لك طلبات اذهب للشيخ عمر، فهو كفيل بصرف المطلوب.

قلت: ولكني لا أعرفه؟ قال: قم بزيارته فسيفرح بك، وهو بالمناسبة صاحب يد فرطة أكثر مني.

وقد حصل بالفعل ما ذكره الشيخ صالح عن أخيه الشيخ عمر الذي كان مسؤولا عن الأعمال الإنسانية في دله، وما إن وجدني أمامه في مكتبه حتى قال لي: كلمني الشيخ صالح فين الأوراق؟ قلت: هاكها.. وعلى الفور صرف لكل طلب ما قسمه الله.

ومن يومها نشأت، بل توطدت، العلاقة مع الشيخ عمر كامل، وأصبح تواصلنا شبه مستمر ليلا ونهارا. ومن خلال السنوات التي جمعت بيننا، أدركت أنه دودة كتب من ناحية، ومن ناحية أخرى دائم الاجتماع بالعلماء ومشايخ الفقه الإسلامي.. كما كان منزله مفتوح الأبواب للضيوف، حتى أن الأخ أحمد عبدالعزيز الحمدان الذي يجاوره في السكن قال: والله ما نجد موقفا لسيارتنا من كثرة السيارات التي تقف ما بين منزلي ومنزل عمر.

وتعلق الشيخ عمر ــ تغمده الله برحمته ــ بكل ما يتعلق بالشؤون الإسلامية والدعوة إلى الله، ولم يكتف بذلك، بل أصدر العديد من المؤلفات التي ستبقي اسمه في ذاكرة كل قارئ ومحب له، تغمده الله برحمته وألهم الجميع الصبر وجميل العزاء.

السطر الأخير: قال الله تعالى: (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون).

عكاظ 1436/11/8هـ