حسام زواوي في خطبة الجمعة

في الوقت الذي كنا فيه مشغولين بالشاب مفجر مسجد قوات الطوارئ، كان هناك وجه آخر للمجتمع والشباب السعودي اسمه حسام زواوي، ولكن ربما لأنه بعيد عنا، وربما لأن مفهوم الرمز والقدوة لدينا يشوبه خلل كبير هو جزء من المشكلة التي أصبحت تثقل كاهل الوطن، فإنه مر مرور الكرام على إعلامنا وعلى مجتمعنا إلا من رحم ربي.

أكاد أجزم بأن الله قدم طوق النجاة لحسام وأنقذه من الانخراط في المعسكرات والمخيمات الصيفية، ورحلات البراري والجبال والكهوف، والهوس بدعاة الأشرطة ومنظري الجهاد، واليقين بأن شيخه الذي يبث السم الزعاف في العقول هو مصلح زمانه الذي لا يأتيه الباطل ولا ينطق عن الهوى. ولأن الله لطف به، فقد اتجه للعلم وأصبح الآن رمزا في ديار غير دياره، تزين صورته لوحات الإعلانات في أستراليا. الشعوب التي تعرف قيمة الإنجاز احتفت بحسام لسبب بسيط هو أنه كان يبحث باجتهاد عن حلول للجراثيم التي تفتك بالإنسان. كان يبحث عن سبب لاستمرار الحياة والأحياء فقدروا إنجازه واعتبروه بطلا ورمزا إنسانيا. في المقابل سقط مفجر المسجد في براثن الجراثيم التي تريد الفتك بالإنسان وتكرس مفاهيم الموت والعدم. حسام انتصر على الجراثيم ويوسف السليمان كان ضحية الجراثيم. لكننا انشغلنا بضحية الجراثيم ولم نأبه بقاهر الجراثيم.

إنني فقط أتخيل كيف لو عممت وزارة الشؤون الإسلامية على خطباء الجمعة للتنويه عن شبابنا الذين يتقربون إلى الله بالعلم النافع كحسام زواوي وأمثاله من الشباب المبدع. وكيف لو استقطبت وزارة التعليم هذه النماذج المشرقة كي تتحدث للشباب عن قيمة وقداسة العلم والحياة بدل أن يتحدث اليهم شخص محنط يعلمهم كيف يغسلون الميت، وكيف يكرهون الحياة والأحياء، وكيف ينقلبون لاحقا على وطنهم ومجتمعهم.

المشكلة لدينا أنه حتى تعريف العالم اقتصر على نمط محدد وفئة محددة، حتى لو حصل أحد شبابنا في يوم من الأيام على جائزة نوبل في العلوم، فإننا لن نسميه عالما لأنه لم يقل: قال لي شيخي.

عكاظ 1436/10/28هـ