بدر كريّم.. نجم هوى من سماء الإعلام

 

بدر كريم نجم هوى من سماء الإعلام
السبت 26 /8 /1436هـ، 13 /6 /2015م، وقد كان نجمًا في سماء الكلمة: صوتًا وصورة، وكتابة، وإدارة، وتأليفًا، وسيبقى في التاريخ علمًا من أعلام الإعلام، لا يستطيع أي مؤرخ أن يتجاوز اسمه.

عرفته صوتًا ومتابعة في الإذاعة، قبل أن أدخل في العمل الإعلامي، وزاملته سنين في الإعلام نتفق ونختلف في العمل إدارة وإنتاجًا، لكن لم يؤثر ذلك على علاقة المودة بل وثّقها، وعندما بارحنا العمل الرسمي انقطعت العلاقة مع كثير من زملاء المهنة إلا بدر كريم فقد زادت، وبقي التواصل واللقاء بيننا، وآخر لقاء زيارته في المستشفى قبل أسبوع من الوفاة لمدة 45 دقيقة، كان يتحدث فيها عن هموم الأمة والإعلام، ولم أشعر أن الموت قريب منه، وما كنت أدري أنها لحظات وداع وإلا استكثرت منها.

ضم ثرى مقبرة أم الحمام في الرياض جسد إعلامي طالما صدح صوته في أثير الفضاء، وغاب صوت إعلامي كان الإعلام يجري في عروقه، وبلغ فيه شهرة كبيرة، ولكنه كان متواضعًا ليس مع زملائه فحسب، بل مع الجمهور أيضًا، وكان أحد المسؤولين يغار من شهرته فخاطبه مرة بأنه حضر أحد الاحتفالات طلبًا للأضواء الإعلامية فكان رده أنا أشكو تخمة من التلميع الإعلامي ولست محتاجًا لأضواء.

عُرف عنه دقته وحرصه على كمال ما ينتجه إعلاميًا، ويبذل كل جهد لسلامته من أي خطأ، ولا يتردد في أن يسأل إذا شك في معلومة أو ضبط كلمة، وقد كان بعض الإذاعيين يضيق ذرعًا من التصويبات اللغوية، ويرى أن ذلك يقلل من قدره، وقد بُهر بعضهم عندما سمع أن بدر كريم اتصل بي مستفسرًا عن ضبط كلمة، فقلت له: هذا هو الإعلامي المهني، معياره أن تخرج الكلمة المذاعة سليمة من كل شائبة، ويريد أن تبقى صورته عند المتلقي سليمة أيضًا.

كان بدر يطلب مني مراجعة مسودة مؤلفاته حرصًا على سلامتها لغويًا، ولم أكن قادرًا على رد طلبه، وكان يأخذ بما أُصوِّب أو أقترح، وأشار لذلك في مقدماتها، وعندما راجعت كتابه «نشأة وتطور الإذاعة في المملكة العربية السعودية» اقترحت عليه إضافة فصل عن أعلام الإذاعة، وقد فعل، وبذل جهدًا في الحصول على المعلومات، ومن لم يجد عنه شيئًا اكتفى بذكر اسمه، ولا أخفي أني زودته بمعلومات إذاعيي إذاعة الرياض وبعضهم استخرجتها من ملفاتهم مثل بكر يونس الذي لم تتوافر عنه معلومات موثقة على شهرته.
لم يكرّم بدر ولم يسعَ للتكريم، ولكنه كان وسيبقى بدرًا في سماء العمل الإعلامي، ولا يتسع المقام للتوسع، ولكنها إشارات عن ذكريات، رحمه الله، وعزاء لأسرته وللإعلاميين.

المدينة 1436/9/5هـ