مدن بلا حدائق!
يفاخر صديقنا أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار في حديث صحفي نشر قبل فترة في مجلة اليمامة أنه سلم وزارة الإِسكان 50 مليون متر مربع من الأراضي شرق وغرب وجنوب وشمال أم القرى لتستخدمها الوزارة في تنفيذ مشاريـع إسكان توزع لاحقا على المستحقين من المواطنين.
وأقول لمعاليه: لك الحق أن تباهي بما قدمته الأمانة لوزارة الإسكان لاسيما إن استطاعت الوزارة التغلب على بيروقراطيتها ونفذت مشاريـع إسكان على ما سلم لها من أراضٍ خالصة لا مشكلات ولا تعديات ولا قضايا عليها، حيث ألمح معاليه إلى أن جزءا مما سلم للوزارة في شرق مكة المكرمة توجد عليه تعديات ومطالبات لم تنتهِ بعد ليكون التسليم تاما.
ولكن ما كنت ومازلت أرجوه من أمانة العاصمة المقدسة وهو رجاء نقلته من قبل لأمناء سابقين فلم يجد رجائي أي تجاوب حتى تاريخ كتابة هذه السطور، هو أن مدينة كبيرة مثل مكة المكرمة يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة لا يوجد بها حديقة عامة واحدة ولا يجد أطفالها مكانا يلهون فيه سوى مواقف سيارات الحجاج وبعض الجزر الخضراء الواقعة في وسط الشوارع وتحت الجسور أو حدائق صغيرة جرداء تقع في بعض الأحياء، ورجوت أن يخصص عند البوابة مليونا متر مربع لتكون حديقة يكتفى بزرعها «بالعشب» وإحاطتها بالنخيل وإقامة أكشاك على أطرافها وبعض دورات المياه واستخدام دخل الأكشاك في توظيف عمالة لتنظيفها وهو مشروع لا يكلف مالا كثيرا ولا يحتاج لصيانة كبيرة ولكن رجائي ضاع «كما ضاع در على خالصة».
لقد زرت الدوحة قبل نحو شهرين وأمضيت فيها مع الأسرة أسبوعا وهي مدينة يشابه طقسها طقس مدننا الحارة صيفا فرأيت بها ما يزيد على عشرين حديقة عامة بعضها تزيد مساحتها على مائة ألف متر مربع وبها كل الخدمات البسيطة النظيفة الأنيقة مع أن سكان الدوحة أقل عددا من سكان «المسفلة» وكل سكان قطر هم نصف سكان مكة المكرمة، ولم أحصِ الجزر الخضراء الموجودة على جوانب شوارع العاصمة القطرية لأنها بالآلاف وهي للزينة فقط لأن الحدائق العامة الكبيرة الواسعة تغني السكان هناك عن الجلوس في المساحات الخضراء الموجودة بين الشوارع وعلى ضفافها مهما كانت يانعة وواسعة وأنيقة.
ولعل أعجب ما في الأمر أن إخواننا أمناء المدن ورؤساء البلديات يسافرون ويرون ويمتدحون ما يرونه في المدن التي يزورونها ثم يعود كل واحد منهم إلى عمله «كأن شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه»!؟.
عكاظ 1436/7/7هـ