آثارنا.. إرثنا وتراثنا
في مجلة (سياحة وآثار) عدد ربيع الأول 1436هـ نُشر خبر عن مشاركة الشيخ صالح المغامسي (إمام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة) في ورشة عمل بعنوان (المساجد العتيقة)، وبصفة الشيخ عضوًا في اللجنة الاستشارية لبرنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي.
أولاً أحسنت الهيئة العامة للسياحة والآثار بالاستعانة بالشيخ صالح وأمثاله من الذين أحسبهم يعون تمامًا مفهوم الوسطية المعاصرة، فلا يميلون إلى التراث ميلاً كبيرًا يصاحبه تحجير على معظم الخيارات العصرية المتاحة بحجة أنها أبواب شر ومنافذ بدعة وطرق انحراف.
وللشيخ صالح كما هو معروف حضور مجتمعي كبير ليس على مستوى المتدينين فقط، وإنما لدى عامة المثقفين والمتعلمين، ذلك أن أداءه غير تقليدي، بعيد عن الملل والحفظ والتكرار، صاحب أسلوب شيق يخوض فيما خلف المعاني بروح شفافة تستشعر من خلالها الصدق والإخلاص، وكأن كل حديثه ومواعظه رقائق ترطب القلوب بذكر الله وتحبب الدين للناس.
وأعود إلى موضوع الورشة التي نُقل عنها قول الشيخ: (إن مكة المكرمة والمدينة المنورة على وجه الخصوص، هي أكثر مدن المملكة الزاخرة بهذه المساجد التاريخية التي لها أثر. وغالبية مساجد المدينة التاريخية ترتبط بحدث يذكّر بالسيرة العطرة للرسول صلى الله عليه وسلم).
وشأن هذه المساجد المرتبطة بالسيرة العطرة، شأن كثير من المواقع والمباني والآثار التي ارتبطت بالسيرة النبوية العطرة، فهي تاريخ قديم في الزمان، لكنه يتجدد باستمرار في القلوب المعمورة بالإيمان. وأما القول بمخاطر البدع الشركية التي يتسبب فيها الاهتمام بآثار النبي الكريم (عليه أفضل الصلاة والتسليم)، ففيه مبالغة كبيرة خاصة وأننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، حيث سادت فلسفات الاحتكام إلى العلم والتجريب معظم مناحي الحياة، ولم تعد فيه للخرافات تلك المساحة السابقة إلاّ أولئك الذين ضرب الله على قلوبهم الانحراف والضلالة والفساد.
صحيح أن ثمة جهلة يسيئون الاعتقاد في الآثار، لكن هؤلاء أصلاً في خطر عقدي عظيم بحكم البيئة التي عاشوا فيها وبحكم ساداتهم وكبرائهم وشيوخهم الذين قد ضلوا وأضلوا عامدين متعمدين.
ما أجمل اهتمام الأمة بتاريخها وتراثها! وهو في واقع الأمر جزء من إرثها الذي تباهي به الأمم من حولها.
المدينة 1436/7/6هـ