نداء لأمير منطقة مكة

كتبت وغيري كثيرون عن مشاريع التطوير في مكة المكرمة، كثرة وعدم جدولة، بل كثرة مخططيها ومنفذيها، اليوم أعيد الكتابة لمقام الإمارة بعد أن تزايدت المشاريع وكثر الهدم، لا أقول العشوائي، بل المفيد مستقبلا، لكن مشكلته الأساس عدم جدولته ومراعاته لظروف السكان وحاجات المعتمرين والحجاج الذين هم هدفه النهائي؛ لصدوره من عدة جهات كل منها يجتهد وبمعزل عن الآخر، وقلت سابقا لو تم هدم بهذه الكثافة بأية مدينة أخرى لسارع مسؤولوها بإعلان حالة الطوارئ لإيواء سكانها المضطرين للمغادرة.

سمعنا وقرأنا كثيرا عن خطط مكة الخمسية والعشرية ، بل والخمسينية، لجهات مكة التخطيطية ، وأزعم أننا بحاجة لسلطة مركزية واحدة لتخطيط مكة ، ليس فقط لمنطقتها المركزية التي هُجر سكانها لهدفين نتفق تماما مع أولهما وهو توسعة الحرم الشريف وملحقاته وللخدمات العامة كالسكة الحديد وخلافه فيما يدخل تحت بند المصلحة العامة ، ونختلف مع الآخر فيما يدخل تحت المصلحة الخاصة من إقامة الأبراج السكنية التي ، وإن كان هدفها النهائي توفير السكن لزوار المدينة المقدسة ، إلا أنه لم يهيأ لها الخدمات الأساسية اللازمة لها ، يكفي تصور أن الشوارع والبنى التحتية التي كانت بالكاد تفي بحاجة العدد القليل الممكن استيعابه في السابق من الزوار ، صار مطلوبا منها الوفاء باحتياج عشرات الألوف يوميا من ساكني هذه الأبراج العالية.

مكة المكرمة ، وكذلك المدينة المنورة، كل منهما مدينتان داخل مدينة واحدة ، جزء كبير منهما للحجاج والمعتمرين والزوار ، وجزء سكني لسكانها دائمي الإقامة والذين لهم ــ كسكان أية مدينة ــ متطلبات وخدمات مدنية حياتية.

وقد فاقم فتح باب العمرة تقريبا طوال العام من مشكلة السكن فيهما، فملايين الزوار يدخلونهما شهريا، وهو رقم كبير إذا أضيف له ساكنوها تتقاصر معه قدرة بنيتها التحتية غير المجددة عن الوفاء باحتياجاتهم، وكان المفترض أن تسبق مشاريع تطوير وتجديد وتوسيع البنية التحتية مشاريع التطوير السكانية، وأما وقد سبقتها، فالمفترض الآن أن تتوازى معها وتسابقها.

الهجوم الاستثماري غير الملتزم اقتصر على بناء الأبراج وأهمل متطلبات هذه الأبراج من مشاريع تصريف وشوارع وخدمات عامة.

الاتجاه السائد الآن تحويل مكة لمدينة كوزموبوليتية ضخمة ، لا مانع ، ولكن كل مدن هذا النموذج تتميز ببنى تحتية خدماتية كبيرة وضخمة، تراعي حاجة السكان الدائمين وتقوم بخدمة الضيوف المؤقتين ، الأمل كبير في أمير المنطقة المحبوب ، وهو ابنها البار الخبير باحتياجاتها أن يشكل لجنة مركزية تناط بها كل مشاريع الهدم للتطوير لبرمجتها وإعادة جدولتها.

عكاظ 1436/7/6هـ