معاد تحفظ التراث المكي
لم أكن -حتى وقت قريب- أمتلك معلومات جيدة ومتكاملة حول مبادرة معاد التي أطلقها عدد من أبناء مكة المكرمة لحماية المواقع التراثية، وتعزيز الهوية المكية والعناية بالآثار والمعالم التاريخية، وقبل أيام مضت دعيت للقاء تعريفي للمبادرة أقامه الشيخ يوسف عوض الأحمدي، بحضور رئيس المبادرة الدكتور فائز صالح جمال، وعدد من أعضائها، ونخبة من أساتذة جامعة أم القرى وأصحاب الفكر والرأي.
ومن خلال تعريف أولي ومختصر تناوله الدكتور فائز جمال، اتضحت صورة المبادرة، وبرزت رؤيتها المستقبلية، واتضح أن المبادرة برزت نشأتها تزامنا مع عمليات توسعة الحرم المكي الشريف وأعمال الهدم التي تشهدها مكة المكرمة لتوسعة الطرق وإنشاء قطار الحرمين الرابط بين مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة، فهدفها الحفاظ على الآثار المكية وكل ما يتعلق بالهوية المكية تاريخيا وثقافيا واجتماعيا، لتكوين معلومات موثقة وكاملة عنها، من خلال البحث والوقوف المباشر على المواقع.
وإن كانت المبادرة جاءت بجهود شخصية ومن خلال عدد قليل من أبناء المجتمع المكي لا يتجاوز عددهم الاثني عشر فردا، تختلف تخصصاتهم العلمية، غير أن اهتماماتهم الثقافية تتفق في الحفاظ على التراث المكي، ودعوتهم للحفاظ عليه، ولعل من ثمار اللقاء أنه أظهر رغبة الكثير من الحضور للمشاركة بهذه المبادرة ودعمها، رغبة منهم في الحفاظ على تراث مكة المكرمة وهويتها.
وكان من أبرز ما جنته المبادرة كما أوضح الدكتور فائز جمال، عقد عدد من اللقاءات مع مسؤولي القطاعات الحكومية بدءا من إمارة منطقة مكة المكرمة، وأمانة العاصمة المقدسة، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ومركز أبحاث الحج، وهذا يعني أن المبادرة لم تحصر نشاطها بجلسات خاصة يناقش أعضاؤها خططهم وبرامجهم، بل تحركهم عبر مسارات رسمية، وسعيهم خلال الفترة الحالية للحصول على ترخيص رسمي يمكنهم من مزاولة نشاطهم بشكل رسمي.
ولعل أولى المهام التي يحتاج إليها أبناء مكة المكرمة من المبادرة حال حصولها على ترخيصها الرسمي، العمل على الاستفادة من الدعم المعنوي الذي تحظى به، والسعي لإقامة منطقة تراثية تبرز أحياء مكة المكرمة القديمة وتراثها، سواء كان ذلك من خلال مهرجان سنوي، أو معرض دائم طوال العام، فأبناء الجيل الحالي من شبابنا يجهلون تاريخ مدينتهم، فضلا عن أن الكثير من قاصدي مكة المكرمة من معتمرين وحجاج، بحاجة إلى تعريفهم بتراث مكة المكرمة والنقلة التطويرية التي شهدتها خلال الفترة الحالية.
وأملنا أن يسعى أبناء مكة المكرمة، ومحبوها والحريصون على تراثها وثقافتها وهويتها المميزة، بدعم ومؤازرة المبادرة، فمن أطلقوها نخبة من أبناء المجتمع المكي، فتحوا قلوبهم قبل أبوابهم، لتقبل الرأي والرأي الآخر، فهدفهم الحفاظ على التراث المكي والعمل على تعزيز الهوية المكية والعناية بالآثار والمعالم التاريخية.
صحيفة مكة 1436/6/29هـ