فكرة معرض كتاب في جدة، تتردد كل عام مع اقتراب معرض الكتاب في الرياض، لأن السفر تكاليف ومشقة، لذلك يطرح السؤال كل عام: لماذا لا يقام معرض في جدة على غرار معرض الكتاب الدولي في الرياض؟!
وعندما أعلن وكيل وزارة الثقافة والإعلام د. ناصر الحجيلان – كما نشرت الوطن في 25/ 6/ 2014م - خلال اللقاء السنوي الثاني لأمناء المكتبات في جدة عن تنظيم معرض للكتاب بجدة في أوائل ديسمبر من كل عام، ربما ظن البعض أن الاعلان مجرد فكرة سرعان ما احتواها النسيان، ولم يتخيل أن الفكرة قد نمت وتطورت وقريباً ستصبح حدثاً ثقافياً ومشروعاً تسعى وزارة الثقافة الى تحويله الى مهرجان ثقافي، بدعم من إمارة منطقة مكة المكرمة وأميرها المثقف الفنان.
منطقة مكة المكرمة، تمثل منبعاً ثقافياً، وواجهة حضارية على مر الزمان، وتتخذ فيها المظاهر الثقافية عمقاً وثراء فريدين، لذلك حقق معرض الكتاب الذي نظمته الغرفة التجارية عام 2000م ، مصحوباً بفعاليات ثقافية، نجاحاً كبيراً، بحضوره الكثيف، سواء في المعرض، أو الفعاليات المصاحبة.
ليس غريباً نجاح أي نشاط في جدة، لأنها بوابة الحرمين الشريفين، وقبلة السائحين والمتسوقين، ولأن جدة ثرية بثقافتها وأوجه النشاط الاقتصادي، ومميزاتها الجمالية الأخرى التي تُشعر بالرحابة والحميمية، لذلك أحدث إعلان مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل عن الموافقة السامية لإقامة معرض كتاب دولي في جدة، بشرى مبهجة لسكان جدة وبالتأكيد شاركهم البهجة سكان مكة والمدينة والطائف وينبع والمنطقة الجنوبية لسهولة الانتقال للقرب بينها وبين مدينة جدة.
الموضوع لم يعد مجرد فكرة أو خبر، بل واقعاً تسعى الجهات المختصة إلى تثبيته وترسيخه ضمن قائمة المعارض الدولية، ويجري العمل من خلال لجنة مُشَكَّلة من وزارة الثقافة والإعلام لدراسة موقع إقامة المعرض وتحديد الوقت المناسب، كي لا يتعارض مع معارض أخرى، هذا جانب ،أما الجانب المهم واللافت هو إسناد الأمر الى وزارة الثقافة والإعلام، لأن تجربة الوزارة الناجحة في معرض الرياض الدولي خلال السنوات الماضية وتحوُّله الى أكبر معرض على مستوى المنطقة العربية يؤكد أنها الجهة الأنسب للقيام بهذه المهمة الجليلة، وهذا لا يبرر انفرادها بالأمر بل لا بد من عمل شراكات مع المؤسسات والأفراد.
اختيار الوقت مهمٌ جداً، ليحقق النجاح المأمول، وأعتقد أن 21 مارس بداية فصل الربيع، والتزامن مع إجازة الربيع والأجواء الربيعية في جدة يمثل أفضل الأوقات لإقامة معرض الكتاب الدولي في جدة حيث تتحول جدة في هذا التوقيت من العام الى محطة سياحية مهمة ولكنها تهدر في التسوق واللهو، لذلك يمكن استغلالها لإدخال تعديل على السلوك الشرائي للسائح السعودي، ومفهوم المتعة الحقيقية للتسوق المعرفي، والاستفادة من الفعاليات المصاحبة لاستقطاب أهل جدة وضيوفها ، ولنا في نجاح مهرجان جدة التراثية خير مثال، وخارطة طريق للتنظيم الجيد، والفعاليات المناسبة.
إذن الفكرة ليست وليدة اليوم، ولكنها موجودة فعلاً في خطة وزارة الثقافة والإعلام وفي وعي خالد الفيصل، لكنها اختمرت بما يكفي لتصبح واقعاً ثقافياً يحصد نجاحاً مماثلاً لنجاحات معرض الرياض للكتاب، ويخفف ضغط دور النشر المتكالبة على السوق السعودي والمستهدفة المتسوق السعودي بشكل خاص بعد أن اكتشفت أنه مخلوق ( يقرأ ) بجد.