هَـذهِ بتلك
إلى وقتٍ قريب في مكة المكرمة , كانت تسمية الأماكن التي تُقدّم خدمَات خاصة بالنساء بمسمياتها الموضِّحة لنوع النشاط أمراً محظوراً , فيضطر أصحاب أو صاحبات المشاريع لتسميتها باسم تمويهي , لا يُخبرك بشكلٍ مباشر " بكافة " الخدمات والأنشطة المُقامة , فمثلاً صوالين التجميل النسائية تُصرّح على أنها " مشاغل خياطة " رغم أنها تَضم خدمات أخرى .
وكذلك المشاريع المتعلقة بالنوادي الرياضية , فرغم كسر الحظر السابق على تسمية صوالين التجميل وانتشارها الآن بمسمياتٍ صريحة لخدماتِها المُقدمة , إلا أن النوادي الرياضية النسائية في مكة المكرمة _ والتي تُعد على أصابع اليد الواحدة _ ما زالت تُعاني من عقبة التصريح بإقامتها عوضاً عن الاسم !
ويبدو أن هذا النظام مُطبق في جميع مناطق المملكة . فالنوادي الموجودة حالياً صُرّحت على أنها أماكن خاصة بالعلاج الطبيعي وسُمّيت كذلك , وغالباً ما تكون تابعة لمَشفى أو مستوصف طبي وهذا الغطاء هو المنفذ الوحيد لإقامة حجّتها , والسبب لأنها تأخذ التصريح بإقامتها من وزاة الصحة , وتختلف في ذلك عن النوادي الرياضية الخاصة بالرجال والتي تأخذ تصريحها من الرئاسة العامة لرعاية الشباب .
وكم من قصصٍ سمعناها لمستثمرين أرادوا الاستثمار في إقامة نوادي نسائية " مُستقلة " بكامل تجهيزاتها في مكة إلاّ أنهم واجهوا مع الأسف عقبات عديدة وضِعت في طريقهم من قِبل جهات عدّة لأسباب مُتفرقة , منها التفسير الوهمي والمختلف عمّا يقصدُه مسمّى " نادي نسائي " انطلاقاً من أيديولوجية معيّنة لا تعي أهمية الرياضة للنساء هذا إن لم تكن تُحرّمها أصلاً .
ومن الأسباب كذلك أننا دولة ليس فيها نشاط رياضي رسمي لنسائِها , فأي نشاط رياضي تقوم به النساء يُعتبرغير قانوني كما تُشير الأنظمة !
لأن الرقابة في " مراكز العلاج الطبيعي " تقوم بها جهة تابعة لوزارة الصحة هي مديرية الشؤون الصحية في كل منطقة ممثلة بإدارة الرخص الطبية والصيدلة , والتي تُعنى بالإشراف على تطبيق لوائحها وتعليماتها فيما تُطلق
عليه " مؤسسة صحيّة " , فإن اكتشفت تلك الجهة مزاولة أي نشاط رياضي نسائي داخل المؤسسة الصحيّة ( بمسمّاها الرسمي ) أو مركز العلاج الطبيعي ( المُسمّى التمويهي ) أو النادي الرياضي ( اسمه الحقيقي ) , فإنها بكل بساطة تصدر أمراً بإغلاق المكان ( ثلاثي التسمية ) , إذ أن التصريح كما تقول قوانينهُ لا يشمل تقديم خدمة تُتيح ممارسة ( الرياضة ) للصحيحات بدنياً وصحياً , فالترخيص مقيّد بالتأهيل والعلاج فقط !
ومزاولة أي نشاط رياضي حتى وإن كان المشي على السير الكهربائي أو اللعب ببعض الأجهزة الرياضية يجب أن يكون مُصرحاً من الجهات المختصة كما يقول النظام , وبما أن الرئاسة العامة لرعاية ( الشباب الذكور فقط ) هي الجهة الرسمية التي ترعى أي نشاط رياضي في وطننا , وهي التي تُعطي التصاريح الخاصة بإقامة النوادي الرياضية كما أسلفت , فإن ممارسة الرياضة من قِبل النساء في أماكن مغلقة خاصة بهن ستبقى محظورة حتى حين لا يعلمه إلا الله تعالى وإن استوفت كل الضوابط الشرعية التي نشكّلها كالمطاط كيفما نريد وقت نشاء , أو كما يُفرض علينا تشكِيلها كما حَدث في الأولمبياد التي شاركنا فيها بلاعبتين لم تتدرّب إحداهما في وطنها لأنه لا يوجد فيه نادي رياضي نسائي , وإن وُجد فهو مركز تأهيل وعلاج لغير الصحيحات بدنياً أو صحياً , للمريضات فقط .. هذا ما يقوله النظام , والسلام على الوقَـاية .
مقال خاص بموقع قبلة الدنيا نشر بتاريخ 1436/4/29هـ