دخول المرأة انتخابات الطوافة
شاهدت الحلقة الخاصة بـ(المطوفات) في برنامج الثامنة مع المذيع المشاكس داود الشريان والتي ألقى فيها الضوء على عمل المطوفات قديماً..
وهو يعذر في تكراره لسؤاله (ماذا كانت تعمل المطوفة في السابق) ربما لأن معرفته - وكثيرون أمثاله - قاصرة عن معرفة هذه المهنة الشريفة، وما كانت تقدمه المرأة المطوفة في مجتمع منفتح على جميع الثقافات بحكم وجود الأماكن المقدسة فيه، وما يحدث من انصهار لتلك الثقافات مع أهالي مكة، حيث كانت المرأة مشاركة بفاعلية في كل الخدمات ولم تُقص عن المهنة إلا بظهور مؤسسات الطوافة.. وبوجود فكر إقصائي ذكوري متشدد! ولكن بصرف النظر عن ذلك فقد كان الهدف من الحلقة غير واضح للمشاهد بالإضافة إلى عدم تحديد المشكلة بدقة، فكما هو معروف عن البرنامج أنه يعالج مشكلة محددة من خلال النقاش وتنتهي بحل من خلال مقابلة أطراف القضية، ولكن في هذه الحلقة ضاع الهدف ولم يجر حوار مع الطرف الآخر للقضية وهي وزارة الحج.. بل حتى المطالب حينما سأل عنها المذيع.. ذهبت للمطالبة بعودة (السكن والتغذية) لمؤسسات الطوافة وهو موضوع عام جداً لا يهم المطوفات - فقط - بل المطوفين وكافة المساهمين والمساهمات..
كنا نتمنى على من يمثل صوتنا أن يكون على قدر من المسؤولية في تحديد المطالب الأساسية لاستعادة المطوفة لدورها التاريخي- الذي صودر قبل عشرات السنين - وأهمها ضرورة اعتراف وزارة الحج بعمل المطوفة رسمياً، فالأولى أن يكون للمطوفة حق الترشح والترشيح، كما تقوم بمهمة الإشراف على أعمال اللجان في مكاتب الخدمة الميدانية وتكون عضواً في مكتب الخدمة الميدانية الذي يعمل فيه زوجها أو أخيها أو ابنها.. أو بعد خبرة عامين أو ثلاثة قد تصبح رئيساً لمكتب خدمة ميدانية خاصة من ترث الطوافة وقد مات الوريث الذكر لها.. فلماذا تعطى المهنة لغيرها وهي أولى بها؟
لقد وعدت الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف - ومنذ سنوات - على إقامة ورش عمل لوضع آلية لعمل المطوفات ولم نسمع أو نرى - حتى الآن- تنفيذاً لتلك الوعود!
إن دخول المرأة للانتخابات الحالية للترشيح والترشح في مجالس الإدارات يعطيها الحق الشرعي للعمل وقد آن الأوان لتغيير أنظمة المؤسسات التي أكل عليها الدهر وشرب والمتعلقة بالعاملين في الحج فهي منذ عام 1402هـ ولا بد أن تستبدل بأخرى تقدم خدمات متميزة لضيفات الرحمن.
هذا وقد كان لمؤسسة جنوب آسيا وحتى عام 1433هـ قصب السبق في إشراك المرأة في المهنة بفاعلية تامة ونشاط مكثف لم تشهده أي مؤسسة أخرى - رغم أنه كان عملاً تطوعياً بحتاً - وكذلك كان لمؤسسة الدول العربية المتمثلة في اللجنة الدينية ولجنة الإشراف الاجتماعي دور كبير في خدمة الحاجات.. ويمكن الاستفادة من تلك التجارب في وضع إطار عمل للمطوفات.. كما يمكن الاستفادة من خلال ما طرح في برنامج الثامنة ربما لإثبات الدور التاريخي للمطوفة في مزاولة المهنة ومن خلال كتاب: أعلام الطوافة/ الجزء الخامس/ المطوفات/ صادر عن مؤسسة جنوب آسيا عام 1429هـ.
كما أن بلاغ مكة التاريخي الذي أعلنه الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - عند اجتماعه بأهالي مكة يوم الجمعة 8/5/1434هـ وأثبت فيه الحق التاريخي للمهنة فقال: «.. وكل من كان من العلماء في هذه الديار أو من مطوفي الحرم الشريف والمطوفين ذا راتب معين فهو له على ما كان عليه من قبل، إن لم نزده فلا ننقصه شيئاً…». وهنا لا فرق بين مطوف ومطوفة فهما سواء في المهنة..
إذن فالتاريخ ثابت.. والحاضر أثبت النجاح وأن ما نحتاجه فقط هو اتخاذ قرار جريء وعاجل فهل يحدث ذلك ؟
المصدر : صحيفة مكة 1436/1/3هـ