نظرة الحجاج لنا
قبل أن يهل موسم الحج، وتأخذ قوافل الحجيج طريقها صوب مكة المكرمة، ملبية نداء الحق تبارك وتعالى، تكون الاستعدادات قد بلغت ذروتها بكافة قطاعات ومؤسسات الدولة، وتعمل مؤسسات القطاع الخاص والقطاع الخدمي من جانبها على وضع خططها وبرامجها لتتوافق مع خطط وبرامج الدولة، فالكل يعمل لهدف واحد ونبيل وهو خدمة ضيوف الرحمن، وتقديم صورة مشرقة عن المملكة وشعبها.
وإن كانت وزارة الحج وقطاعاتها والمؤسسات التي تشرف عليها، تمثل القطاع الأهم والأكثر التصاقا بخدمات الحجاج بدءا من لحظات قدومهم وحتى مغادرتهم ، وهذا ما يلحظه ويلمسه الحاج منذ أن تطأ قدماه أراضي المملكة.
لكن الصورة الأجمل تبدو في توافد الحجيج صوب مكة المكرمة، وهذا ما سمعته شخصيا من سعادة القنصل العام التركي خلال مرافقتي له في زيارته لمكتب الزمازمة الموحد، إذ قال “إنكم ترسمون صورة ناصعة الجمال بخدماتكم للحجاج، فلا أنتم تأكلون جيدا، ولا تنامون مرتاحي البال، وتبتعدون عن أسركم كثيرا خلال موسم الحج”.
وتشكل مثل هذه الكلمات وسام فخر واعتزاز لأبناء مكة المكرمة خاصة والمملكة عامة، فالكثيرون ينظرون لنا كخدام لبيت الله الحرام ومسجد رسوله المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وهي نظرة أجدها كثيرا، خاصة حينما أسافر إلى تركيا، فالكل هناك صغيرا كان أو كبيرا ينظرون نحونا كشعب قادم من أرض الحرمين الشريفين، يحمل بين يديه دعوات مباركة.
وأذكر أنني حينما رافقت أعضاء الوفد الإعلامي التركي في زيارتهم لقطار المشاعر، وبعد إعدادهم لتقاريرهم، جاء قولهم، بارك الله فيكم شعبا وحكومة، تعملون على خدمة الحجاج دون مكسب مادي.
وحينما سألتهم عن أسباب قولهم هذا، وجدت أن الإجابات كلها أجمعت على أن قيمة تذكرة الإركاب لا تعادل 001% من تكاليف إنشاء وتشغيل قطار المشاعر المقدسة، وبلغة الاقتصاديين فإن مشروع قطار المشاعر غير ربحي إطلاقا.
وحينها أجبتهم بأن تنفيذ أي مشاريع خدمية للحجاج لا تستهدف الدولة منه أي ربح مالي، فهي تسعى لأن يؤدي ضيوف الرحمن فريضتهم بيسر وسهولة.
وأمام ما سمعته وسمعه الآخرون أتمنى أن تسعى القطاعات الحكومية مجتمعة لتنظيم زيارات، خاصة لكبار المسؤولين وأعضاء الوفود الإعلامية المرافقين للحجاج، لإطلاعهم على ما تقدمه الدولة من خدمات لضيوف الرحمن، وألا تظل مشاريعنا المنفذة حبيسة الأدراج.
فالبقاع الطاهرة بلد تهوي إليه أفئدة المسلمين وتتطلع إلى زيارته بلهفة مشتاق وشوق حبيب، وكثيرا ما سمعنا عن قصص لحجاج حرموا أنفسهم من طيب المأكل ونعيم المشرب سنوات ليتمكنوا من جمع تكاليف الحج.
ووفود الرحمن الذين أقبلوا من كل حدب وصوب علينا أن نكرمهم ونخلص النية لهم، فهم ضيوف الرحمن، الذين تركوا المال والأهل والولد.
صحيفة مكة 1435/11/25هـ