أين هم أبناء الحجاز …؟!!

الشيء الذي تثق به وأنت تكتب مقالاً – قد يفسره البعض بالمناطقي – عن أبناء الحجاز ، هو أن أحداً منهم لن يشرع في البحث عن ” أصلك وفصلك ” أو إذا ما كنت ١١٠ أو ٢٢٠ وذلك لما تربى عليه أبناء الحجاز أو لنقل وذلك لما خلقته الجغرافيا البشرية في كل أبناء هذه الأرض الطيبة التي غدت بفضل ذلك مهداً حضارياً له إسمه وصيته عبر أزمنة تاريخية عديدة .

 
ولأن تاريخ الحجاز أكبر وأعمق من أن يسرده أحدهم في مقالة صحافية فإنني سأختصر هذه المقدمة بمحاكاة ذلك الخطيب الكسول الذي صعد المنبر وسأل المصلين عن أحد الصحابة فأجمعوا على أنه ” كويس ” فأمر المؤذن بإقامة الصلاة ؛ وأقول أن أحدا لا يستطيع إنكار أن أبناء الحجاز سبقونا جميعاً في التعليم والأدب والصحافة والفن بل أن كل عمداء هذه المهن إنما هم من أبناء الحجاز . بيد أن السؤال الذي لا يمكن السكوت عنه : أين هم أبناء الحجاز الآن ؟!

سيقضّ أحدهم مزاجي الذي أكتب به الآن وسيشرع في القول لي أن هذه البلاد لم تعد ملك حجازي أو نجدي … وأنها – أي هذه البلاد – قامت على توحيد الصف والمساواة بين كافة أبناء الوطن الواحد … وبدوري سأحتمله وسأعود وأكرر سؤالي : أين هم أبناء الحجاز الآن ؟!

لن أبكي على أطلال رواد التعليم والأدب والصحافة من أبناء الحجاز لكنني سأكتفي بطرح سؤال بسيط آخر : كم حجازياً استضافه عبدالله المديفر في برنامجه الرمضاني الشهير في الصميم ؟! طبعا إذا ما تم الإتفاق على أن البرنامج يقوم على استضافة المثقفين والكُتاب الأهم ؛ وعليكم الحساب ؛ أما أنا فسأقول أنه وحتى الفن الذي لم يتصور أحدهم أن بساطة سيسحب من تحت أقدام الحجازيين غاب وربما اندثر تماماً .

العجيب أن الحجازي لازال متشبثاً بتلك الحقبة الزمنية التي يتغنى بها كلما سأله أحدهم أين أنتم ؛ حتى غدا كقنوات الرياضة الكويتية التي كلما باغتها الحنين للمجد نقلت أهداف جاسم يعقوب وفتحي كميل – مع بالغ الود والتقدير للجميع – دون البحث عن أي إجابة أو تبرير مقنع.

أخيرا ؛ ولكل سائل ولماذا أهل الحجاز أقول : أن العمق الحضاري الذي عاشه الحجازي كان ولازال كفيلاً بأن يصنع أجيالاً من الإبداع والمعرفة التواقة لخوض غِمار التحدي مع كل ما له أن يعمل على طمس معالمه التي تسيدت المشهد ردحاً من الزمن فضلاً عن حاجتنا الماسة للروح الحجازية المرنة التي لو مُزجت بهذا التحدي لأنجبت لنا أجيالاً متزنة ستقود البلاد إلى أماكن متقدمة ومتقدمة جدا . والله من وراء القصد .

مصدر المقال صحيفة المستقبل الالكترونبية