«الطريق إلى مكة»

الحديث عن الطريق الى مكة يعني الحديث الى قلب العالم الإسلامي قبلة المسلمين حيث يتجه نحوها أكثر من مليار مسلم خمس مرات في اليوم. أما إنشائياً فقد أصبح لمكة أربعة طرق حديثة للوصول إليها عدا سكة الحديد التي ستدشن في العام القادم.


أما الطريق إلى مكة الذي أختاره « توم روول» لكتابه قبل عشرين عاماً فكان المراد منه رسم الطريق إلى اتجاه جديد في الحياة يمكن الوصول إليه بسهولة إذا توفرت الإرادة لأي منا ، هو اتجاه في السلوك يكمن في داخل الانسان ليستوفي خمس متطلبات للنجاح العملي والشخصي. أراد المؤلف أن يقول: ما هي وجهتك وأن هناك قوة غير منظورة تعد مصدر إلهام وتنوير لكثير من الناس لا سيما هؤلاء الذين يسعون في سبيل البحث عن بعد روحي يرتكزون عليه فتطمئن قلوبهم عبر رحلتهم، فاختار المؤلف مكة المكرمة لأن فيها الكعبة. هذه المدينة التي تعد مصدراً للوحي والإلهام لبلوغ أعلى مراتب السعادة إنه المكان الذي تهفو له قلوب الناس، استلهم المؤلف مكة المكرمة والطريق إليها ويقول إن هذا الاستنباط لا يعني أن أقلل من الأديان الأخرى ولكن استلهام تعاليمه ومعاني هذه الرسالة لانتشال الناس من غفلتهم، وهذا نابع من أهمية مكة كنقطة تركيز في الحياة، بصفتها قبلة ووجهة للعالمين.


أما كتاب الطريق إلى مكة لمؤلفه: ليوبول فايس فقد كان يبحث عن الحقيقة الكبرى فكان دائماً مشغولاً ومهموماً ومدهوشاً في الوقت ذاته عن الفجوة الكبرى بين واقع المسلمين المتأزم وبين حقائق دينهم الاسلامي المشعة إلى أن أعلن محمد أسد اسلامه عام 1926م بعد أن كان يهودياً وقد كان له قوله المعروف بعد أن سأله المفكر السويسري روجيه : هل هناك فرق بين الإسلام كدين والمسلمين كأشخاص فقال له: إذا كنت قد اعتنقت الاسلام فليس هذا بسبب المسلمين .. لكن السبب أن الإسلام حقيقة لا ينكرها أحد ..

إلى أن يقول: « اذا كان المسلمون في حالة تدهور أو انهيار ، فإن دينهم قادر على منحهم الحياة السعيدة المطمئنة التي تعينهم على التغلب على تلك الأزمات الأخلاقية التي يعيشها الغرب.


لو عاش محمد أسد بيننا اليوم فسوف لن يغير قناعاته بل يزداد إطراء لتشخيصه حال المسلمين والنماذج المنحرفة كالقاعدة وداعش وربما غيرها والتي تجعل صورة المسلمين قاتمة جداً ولكننا لن نجد اليوم إلا القليل ممن يفكر بنهج محمد أسد يرحمه الله. تحية تقدير وعرفان لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة التي أخذت على عاتقها نشر العديد من الكتب والدراسات منها الأصلية والمترجمة في مختلف المجالات وتواصلاً مع ذلك النهج الثقافي قدمت ترجمة أمينة لكتاب « الطريق إلى مكة» لواحد من أهم رجالات الغرب ممن تركوا بصمة كبرى في الثقافة العربية والإسلامية، لقد ترجم الكتاب د.رفعت السيد علي وقدم له الشيخ صالح الحصين غفر الله له.

إن هذا الكتاب «الطريق الى مكة» يُستحَق اقتناؤه وقراءتُه واستلهام العبر منه وكذلك كتاب توم روول ففيه العديد مما يفيد.

صحيفة المدينة 1435/11/7هـ