غياب القيادات المؤهلة بمؤسسات الطوافة

أثار مقالي المنشور بهذه الصحيفة تحت عنوان «أنصفوا المطوفين ثم عاقبوهم» يوم الجمعة 26 شوال 1435، حفيظة البعض من أعضاء مجالس إدارات مؤسسات الطوافة والمطوفين المؤيدين لهم، إذ اعتبر هؤلاء الأعضاء ـ هداهم الله ـ أن ما تناولته يعد خروجا عن المألوف ولا ينبغي التطرق إليه مطلقا، لأن مثل هذه الآراء يجب أن تأتي من مسؤولي وزارة الحج وحدهم!


ولا أعرف على أي أسس فكرية أو ثقافية تحدث هؤلاء، فهل إبداء الرأي لعمل مقدم يعد جرما في نظرهم، أو طرح فكرة يعد خروجا عن المألوف، إن كانوا يرون ذلك فلا بد لوسائل إعلامنا أن تسعى لإلغاء صفحات الرأي والتحقيقات والاستطلاعات من الصحف، والبرامج الحوارية من الإذاعة والتلفزيون.


وعودا على بدء أقول إن القضية لا تكمن في وضع برامج قياس لقدرات المرشحين لانتخابات مجالس الإدارات، لكن من الواجب والعرف أن يكون القيادي أكثر علما وخبرة من دونه، فإن كانت وزارة الحج قد حددت وفقا للقرار الوزاري رقم 68327 في 7 / 9 / 1434هــ الصادر بالموافقة على اللائحة التنظيمية لمكاتب الخدمة الميدانية بالمؤسسات الأهلية لأرباب الطوائف في الفقرة (الــ 6) من المادة الرابعة: «أن يجتاز ـ المتقدم للعمل بمكاتب ومجموعات الخدمة الميدانية ـ بنجاح دورة تدريبية واحدة على الأقل في مجال إحدى فئات الأعمال، وإذا كان المتقدم لم يسبق له الخدمة بمكاتب الخدمة الميدانية فيشترط أن يسجل في الدورات المتخصصة والمعتمدة من قبل المؤسسات كل فيما يخصه أو وزارة الحج قبل بدء الموسم في حالة وجود دورات»، فما الذي يمنع أن يشترط في المرشحين لعضوية مجالس الإدارات توفر مثل هذه الشروط وأعلى منها.


وإن كانت الفقرة الـ8 من نفس المادة قد اشترطت «أن يتفرغ تفرغا تاما لأداء مهام عمله في المكتب طوال فترة الموسم» فلماذا لا يشترط بتفرغ عضو مجلس الإدارة أيضا؟
أليس في هذا تناقض بين الأقل والأعلى مسؤولية؟


إن وجود قيادات مؤهلة داخل مؤسسات الطوافة يعني القضاء على الصراعات الداخلية بين بعض أعضاء مجالس الإدارات من جهة والمطوفين من جهة أخرى، خاصة إذا عرفنا أن البعض من أعضاء مجالس الإدارات يرون أن عضويتهم داخل المجلس تمنحهم الحق الكامل في اتخاذ أي قرار، ونسوا أنهم مطوفون وصلوا لمقاعد مجالس الإدارات بأصوات المطوفين، فكيف يرون أن أي مخالفة لآرائهم تعد خروجا عن المألوف، وهل يعني هذا أن حرية الرأي لا وجود لها؟
وهل يستطيع حاج أن يبدي رأيه بصراحة ووضوح عن مستوى الخدمة المقدمة له، إن كان المطوف لا يحق له هذا؟


وما نأمله أن تتدخل وزارة الحج وتلزم أعضاء مجالس الإدارات بالتفرغ الكلي خلال موسم الحج قبل أن تلزم رؤساء مكاتب ومجموعات الخدمة الميدانية.


فليس منطقيا أن يظل الحاج منتظرا صاحب الصلاحية لتوقيع خطاب أو عقد طوال فترة النهار، خاصة إذا كان الرئيس والنائب والأعضاء غير متواجدين، ولا يأتون إلا مساء!


وما نتمناه أن تسعى وزارة الحج للعمل على إجراء تقييم لأداء مجالس الإدارات وألا تظل العملية منحصرة في تقارير روتينية مكتوبة بشكل دائم لا يتغير فيها سوى التاريخ، محملة بإيجابيات كثر وسلبيات صفر، ترسل في ملفات أنيقة مخملية وتحفظ كغيرها من ملفات الأعوام الماضية.


وغياب أعضاء مجالس الإدارات المؤهلين والقادرين على مخاطبة المجتمع لوحظ بوضوح خلال ندوة «الطوافة والمطوفين» التي نظمتها جامعة أم القرى ممثلة في كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة بالشراكة مع وزارة الحج وإمارة منطقة مكة المكرمة.


فهل نتوقع مجالس إدارات قوية وفاعلة داخل مؤسسات الطوافة، قادرة على تطوير أعمالها والارتقاء بها، وخلق حلقات اتصال وتواصل مع المطوفين المنتسبين لها؟


أم سيظل الوضع على ما هو عليه وعودا تطلق ونظل مرددين المثل القائل «عاد الكتان كما كان»؟.

صحيفة مكة 1435/11/6هـ