أنصفوا المطوفين ثم عاقبوهم

مع اقتراب موسم الحج لهذا العام، يكون الحديث مرتبطا بمؤسسات الطوافة سلبا أكثر منه إيجابا، فمع بدء موسم الحج واستعداد القطاعات الحكومية والمؤسسات الأهلية لخدمة حجاج بيت الله الحرام، بدأت مؤسسات الطوافة الأهلية بمكة المكرمة وضع برامجها وخدماتها مسار التنفيذ الفعلي.


وشكلت جولات معالي وزير الحج لمؤسسات الطوافة ومكتب الزمازمة الموحد والنقابة العامة للسيارات خطوة ميدانية للاطلاع على الاستعدادات النهائية.


وان كان الجميع يتحدث الآن عن مؤسسات الطوافة وخدماتها والنجاحات التي ستحققها، فإنه مع منتصف ونهاية الموسم ستبدأ الحملات ضد هذه المؤسسات، وهي عادة تعودنا عليها كل عام، ولعل السبب في ذلك عائد إلى أن بعض مؤسسات الطوافة قد شرعت الأبواب لنقدها، فلم توجد كوادر مؤهلة قادرة على تصحيح الأخطاء ومعالجة السلبيات وإيضاح الحقائق.


ولعل من أبرز القضايا التي تواجه مؤسسات الطوافة ظاهرة افتراش الطرق بالمشاعر المقدسة، وهذه الظاهرة وإن كانت سنوية، فإن مؤسسات الطوافة لا علاقة لها بها من قريب أو بعيد، فمفترشو الشوارع هم من المواطنين أو المقيمين القادمين لمكة المكرمة دون تصريح حج، أو هم من المتحايلين على الأنظمة.


ولا يعني قولي هذا أن مؤسسات الطوافة لا تتحمل أخطاء، أو أنها معصومة من أي خطأ، فحاشى لله أن أقول هذا، فالمؤسسات كما أوضحت آنفا لديها من الأخطاء الكثير، ولديها من السلبيات الكثير، ولا تستطيع معالجتها بشكل كامل وسريع، لأنها لا تمتلك الصلاحيات ولا المقومات المساعدة لذلك، فضلا عن افتقار البعض منها لشخصيات قيادية فاعلة تحمل فكرا ورؤى جيدة.


ولعل السبب في هذا عائد إلى لائحة انتخابات أعضاء مجالس الإدارات، فاللائحة التي وضعت شروطها في اختيار المرشح، لم تحدد مدى قدرته على رسم الخطط والبرامج ومعالجة السلبيات، وهو ما جعلها ـ أي اللائحة ـ تشهد تعديلات واسعة مع كل دورة انتخابية.


وكم نتمنى أن تسعى وزارة الحج للتنسيق مع المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي، لوضع برامج قياس خاصة لاختيار المرشحين لعضويات مجالس إدارات مؤسسات الطوافة، خاصة بعد أن أصبح المعلمون خاضعين لقياس قدراتهم.


فرسالة المركز «تقديم حلول شاملة متكاملة لقياس المعارف والمهارات والقدرات وتقويمها، بمنهجية علمية إسهاماً في تحقيق العدالة والجودة، وتلبيةً للاحتياجات التنموية».


ومن المؤكد أن إخضاع المرشحين لبرامج قياس سيوجد قدرات علمية وعملية داخل مؤسسات الطوافة، قادرة على الارتقاء بالأداء.
أما إن بقيت الأوضاع على ما هي عليه حاليا فإننا لن نجد قدرات جيدة داخل هذه المؤسسات، خاصة بعد أن أصبحت عملية الوصول لعضوية مجلس الإدارة مرتبطة بالعائد المالي الذي يجنيه العضو من مبالغ مالية متمثلة في مكافأة موسمية ومكافأة حضور جلسات مجلس الإدارة، ومكافأة بدل تفرغ شهري ـ دون حضور ـ ومكافأة حضور جلسات الهيئة «الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف»، هذا إذا استثنينا بدل انتداب، وبدل خارج دوام.


وإن سعت وزارة الحج لتطبيق نص المادة الـ24 من اللائحة التنظيمية لانتخابات مجالس إدارات المؤسسات الأهلية لأرباب الطوائف الصادرة بالقرار الوزاري رقم 68015 في 4 صفر 1433 بأنه «يعتبر مجلس إدارة المؤسسة أو المكتب ملزما أمام الجمعية العمومية وأمام الوزارة بإنجاز ما نسبته 75% على الأقل من البرامج الانتخابية المعلنة للقائمة سابقا»، فمن المؤكد أننا سنجد مجالس إدارات فاعلة.


وإن أنصف المطوفون وحظوا بمجالس إدارات قوية وفاعلة، وظهرت أعمالهم بشكل جيد، وأزيلت عنهم الأخطاء المنسوبة لهم، فوقتها يمكن أن نحاسبهم على أعمالهم هم، وليس أعمال غيرهم. 

صحيفة مكة 1435/10/26هـ