مئذنتا مكة.. وروضة المدينة

.. إننا لنفخر بما قامت به حكومتنا الرشيدة من مشاريع متتالية لتوسعة الحرمين الشريفين، وكذا توسعة مساجد المشاعر المقدسة والمساجد الأثرية والتاريخية.

والذي لا شك فيه أن الدولة السعودية قد نقشت تاريخها على قمم الجبال بما نفذته من مشاريع لم تحدث مثلها من قبل.. ولا إخال أنه سيتم لاحقا تنفيذ مشاريع مماثلة فضلا عن المزيد عليها.وإذا كان المثل المصري يقول: «الحلو ما يكملش»، فإني أرجو أن لا يكون في جانب من المشاريع التابعة للحرمين الشريفين ما لا يمكن القبول به ولا المنفعة منه

كمشروع المئذنتين اللتين ذكرت جريدة «مكة» يوم الأربعاء 10/10/1435هـ أنهما ستقامان بارتفاع 420 مترا، وقد أثار هذا المشروع جدلا واسعا غير أنه ــ كما تقول صحيفة مكة ــ بقلم محررها عمر المضواحي: «وبعيدا عن الجدل، يبدو أن بناء المئذنتين بهذا الحجم الضخم والارتفاع الشاهق سيثير مخاوف جدية على وضع عمق منطقة حوض وادي إبراهيم ومدى تأثيرها على سلامة مصادر المياه المغذية لبئر زمزم المبارك، وبحسب أماكن بناء قواعد المئذنتين الجارية الآن على قدم وساق من المرجح أن يكون موقع المئذنة الشمالية الغربية والغربية من جبل الكعبة مثار علامات استفهام، كونها ــ بلا شك ــ تقع داخل نطاق منطقة يحظر فيها رسميا إنشاء تغذية جميع مصادر الحوض الجيولوجي بمصادر المياه، وأهمها بالتأكيد بئر زمزم».

وإذا كان بناء المئذنتين بهذا الارتفاع جميلا في منظره، غير أنه مضر كل الضرر على بئر زمزم وموارد مياهها.فإن هذا المشروع الجميل في منظره المضر في تنفيذه يذكرني بما قيل عن الدراسة التي وضعت لإنشاء طبقة ثانية للروضة الشريفة بالمسجد النبوي الشريف، والتي قد حددها رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بقوله: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة). ولذا فإنه غير لائق كما هو في ذات الوقت مزعج لرسول الله ــ صلى الله عليه وسلم.

فقد روي أنه في العهد الأول قام أحد الصحابة بضرب مسمار في إحدى الاسطوانات القريبة من الحجرة الشريفة، فما كان من أم المؤمنين السيدة عائشة ــ رضي الله عنها ــ إلا أن أطلت من خلف الستار قائلة: «لا تؤذوا رسول الله بهذا العمل».مجرد ضرب مسمار يؤذي رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم، فكيف بعمل يتطلب استخدام معدات صارخة؟وأعود لأقول: إن المئذنتين تضران بموارد بئر زمزم، كما أن توسعة الروضة تؤذي الرسول ــ صلى الله عليه وسلم. وهذا ما لا يرضاه ولي الأمر فينا ــ حفظه الله وأمد في عمره.

السطر الأخير: قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».

عكاظ 1435/10/16هـ