أمرك يا أمير مكة سيحمده لك وفد الله وجيرانه

وأرجو أن يحمده الله لك ويثيبك عليه أعظم الثواب وأن يثقّل به موازين أعمالك الصالحة ..


أمر سيسجله لك أهالي وزوار مكة بمداد الذهب .. بل سيسجله لك التاريخ كأمير لمكة .. فهو أمر يعبّر عن مدى إجلالكم لزوار بيت الله الحرام واهتمامكم بتوفير أقصى درجات الراحة والاطمئنان لهم ..


أمر ينم عن اهتمامكم بتوفير أجواء الطمأنينة والخشوع والروحانية في الشهر الكريم ..


ذلكم أمركم يا سمو الأمير “بإيقاف العمل في كافة المشاريع الجاري تنفيذها بالمنطقة المركزية للحرم المكي الشريف، خاصة في الطرقات والميادين المؤدية إلى المسجد الحرام، وذلك قبيل دخول شهر رمضان حرصا منكم على توفير خدمات نقل وحركة مريحة لضيوف الرحمن من المعتمرين والزوار خلال الشهر الفضيل”


إن الزوار يعانون كثيراً جراء استمرار الأعمال في مشروع توسعة المسجد الحرام ومشاريع المنطقة المحيطة به .. يعانون من الضوضاء، والتلوث والغبار، والزحام، وتلف الطرقات وظلمة بعض ممرات المشاة وانتشار الأتربة والحفر فيها ..


إن إيقاف الأعمال في مشاريع التوسعة والمشاريع المحيطة بالمسجد الحرام خلال شهر رمضان كلياً سينعكس إيجاباً على الأجواء المادية والروحانية في المسجد الحرام، فالأجواء ستصفو من سحابة الغبار العالقة طوال الوقت فوق المسجد الحرام نيتجة لأعمال التكسير والهدم المنشرة في عموم مكة وحركة المركبات التي تنقل مخلفاتهما..


إيقاف الأعمال سيسمح بتهيئة الطرق للمركبات والمشاة بشكل أفضل رصفاً وإنارة ونظافة .. وهو ما سيريح ويشيع الاطمئنان في نفوس قاصدي المسجد الحرام ..


وقد سبق لي المطالبة بذلك عدة مرات على مدى السبع سنوات الماضية ومن بين ذلك مقال نُشر بصحيفة المدينة بتاريخ 19/8/1430هـ أي قبل خمس سنوات قلت فيه: “ولذلك فالرجاء هو أن يتم الإسراع إلى تغطية جميع المساحات الترابية، وإعداد ممرات واسعة ومضاءة، ولو بشكل مؤقت، وأن يتم إيقاف الأعمال التي تصدر أصواتا تشوّش على المصلين، وقت صلاة التراويح، وإيقاف جميع الأعمال بعد منتصف الشهر، لأن استمرار الأعمال يعني استمرار حركة المركبات الكبيرة التي تقوم بنقل الأتربة والصخور ومواد البناء، وفي ذلك ضغط على الطرقات ومزاحمة للزوار والمعتمرين. ولا أعتقد أن إيقاف الأعمال جزئياً خلال شهر رمضان، أو حتى كلياً في النصف الأخير منه سوف يؤثر كثيراً على سير المشاريع المحيطة بالمسجد الحرام”


فيا سمو الأمير القدير اعزم أمرك وتوكّل على ربك ولن تندم بإذن الله..وأبشر بعظيم الأجر من الله والامتنان من أهله ووفده..


ولا تصدق تبريرات القائمين على تنفيذ تلك المشاريع .. فأقصاها تأخر إنهاء المشاريع بما يوازي مدة التوقف، وهذا في رأيي أفضل من استمرارها واستمرار إيذاء الزوار ومعاناتهم .. ولو كانت المشاريع ستستغرق عشر سنوات - مثلاً- وتوقفت خلال شهر رمضان فسيكون التأخر عشرة أشهر فقط .. وحتى التكاليف التي قد تترتب على توقف العمل فهي أقل بكثير من تكلفة المساس بواجب الدولة تجاه ضيوف الرحمن..


بقي القول بأن رمضان كما هو معلوم سيصادف حرارة الصيف والمؤمل أن يُضاف إلى إيقاف الأعمال وتمهيد وإنارة طرق المشاة؛ تظليلها وتزويدها بمراوح ورشاشات المياه - كتلك الموجودة جهة باب الملك فهد - لترطيب الأجواء وتخفيف آثار الحرارة والشمس وبالأخص من جهة الشامية والساحات الشرقية..
و الله ولي التوفيق

صحيفة مكة 1435/8/25هـ