حقاً إنها مدينة لا يعرفها أهلها!
عندما كتب الزميل الكاتب العكاظي الأستاذ ناصر مهنا اليحيوي مقالة بعنوان «المدينة التي لا يعرفها أهلها» معبرا عن رأيه في التعقيدات التي تواجه المرضى الذين يطرقون باب المدينة الطبية بالعوالي بأم القرى فلا يجدون من يفتح لهم الأبواب وإنما يقال لهم: ارجعوا وراءكم والتمسوا علاجا لأمراضكم في المستشفيات الأخرى، عندما كتب أخونا ناصر مقالته ظننت أنه يبالغ في وصف ما يحصل للمرضى من تعامل وتجاهل من قبل إدارة وأطباء المدينة الطبية، لأن المستشفيات الحكومية لم تنشأ إلا لخدمة المرضى، ولا تكون الخدمة بطريقة انتقائية وبموجب شروط تعجيزية، ولكن تجربة مررت بها تخص مريضة من الأسرة جعلتني أعذر الزميل الكاتب على طرحه السابق لا سيما بعد أن علمت من مرضى آخرين أنهم لا يستقبلون حتى في الطوارئ إلا بشروط وقد لا يستقبلون أبدا، وفهمت أن بعض أطباء المدينة الطبية يعانون من فراغ بسبب محدودية ما يحول لهم من مرضى وأن العديد من الغرف خاوية على عروشها تنتظر المرضى الذين تتلطف إدارة المستشفى وأطباؤها بقبولهم وفق شروطها وإلا فلا! أما مريضتي فقد عالجناها في مستشفى خاص بمكة المكرمة ودفعنا لقاء تنويمها نحو عشرة أيام أكثر من خمسة وخمسين ألف ريال فلم تستفد كثيرا من علاجهم فقدمنا تقريرا بحالتها إلى المدينة الطبية فرفضت الحالة فأخذناها إلى مستشفى خاص آخر بجدة ودفعنا لقاء تنويمها ستة أيام نحو أربعين ألف ريال فاستفادت قليلا من العلاج ولكنهم أشاروا في تقريرهم إلى أن لديهم مخاوف من إصابتها بأحد أمراض الدم لوجود ارتفاع مخيف في عدد كريات الدم البيضاء ونصحونا بحكم وجودنا في أم القرى أن نراجع بالتقرير المدينة الطبية التي لا يعرفها أهلها لأن فيها إمكانيات للتأكد من سبب ارتفاع الكريات البيضاء وعلاج الحالة، ولكن المدينة الطبية رفضت الحالة للمرة الثانية وفهمت ممن تطوع مشكورا بمتابعة ملف التقرير أن الأطباء يتوقعون ــ مجرد توقع ــ دون إجراء تحاليل طبية إصابة المريضة بـ«اللوكيميا» وأن كون عمرها سبعين عاما وأنها تعاني من أمراض مزمنة سيجعلها غير قادرة على تحمل العلاج الكيماوي.. إذن تموت المريضة لأنها كذلك!!
ولما حدثت من حولي بما حصل لي ولمريضتي سألوني: ولماذا لم تلتمس لمريضتك واسطة لدى إدارة المستشفى أو عند بعض أطبائها كما فعل ويفعل غيرك وأنت على ذلك قدير!، فكان ردي عليهم: وهل يحتاج كل مريض إلى شفيع مطاع حتى يحظى بعلاج مشاع؟! لقد سجلت نزاهة على إدارة المدينة الطبية حسب ما نشر في الصحف أخيرا ملاحظات فهل شغل ذلك إدارة المدينة الطبية عن مهامها الرئيسية فأصبحت محجوبة عما يحصل للمرضى وما يواجهه مراجعوها.
عكاظ الخميس 30/07/1435 هـ