ورحل صاحب الخلق الكريم

رحمه الله.. فقد رحل صاحب الخلق الكريم السيد أمين عقيل عطاس سليل الشجرة المباركة والنسب الشريف بعد رحلة عمر طويلة أمضاها على طرقات الخير في عمل دؤوب ومستمر، وفي مجالات شتى، في العمل الحكومي والعمل الإسلامي والعمل الخيري ..كان رحمه الله وجيهاً بهي الطلة .. حسن الخلق .. عف اليد واللسان .. صاحب علم واسع وفهم عميق ..كان قوياً في الدفاع عن حقه، لا يقبل الضغوط ولا يساوم على ما يعتقد أنه الصواب.. هو في مقام الوالد -رحمهما الله- إذ إنني وابنه الدكتور خالد أنداد وزملاء دراسة .. وبعد وفاة والدي يرحمهما الله كان يصلني وصله الله، إذ كان يتابع ما أكتبه من مقالات في الصحافة، وكان يسعدني بين فترة وأخرى باتصال يشجعني ويشد فيه من أزري ويناقشني ويثني على بعض ما أكتب.. هو صاحب مبادرات، تجلى بعضها في الجمعية الخيرية في مكة المكرمة التي رأسها وساهم في تأسيسها، إذ كان يبادر لتنفيذ أفكار ومشاريع غير متوفرة في مكة، ومن ذلك تأسيس روضة أطفال نموذجية أنشأ لها مبنىً لا يوجد مثيله في مكة المكرمة، وكذلك أسس مركزاً للسمع والنطق، وذكر لي قبل فترة أن الجمعية بصدد تأسيس مستشفى خيري تصل كلفته - كما أذكر- لما يتجاوز المئة مليون أو أكثر.. وعندما ذهبت لتعزية ذويه في اليوم الأول شاهدت كثرة المعزين، ووقفت في الصفوف الممتدة، فالتقاني من فوري الأستاذ حاتم ابن الشيخ المرحوم عبدالله بن صديق، فبادرني بقوله: ذكرنا عزاؤه بعزاء العم صالح، ويقصد والدي، يرحمهم الله جميعاً، فقلت وكذلك عزاء العم عبدالله بصنوي والعم حمزة بصنوي والسيد محمد علوي مالكي والدكتور محمد عبده يماني، وذكّرني البعض بالعم عبدالله بن ظافر وابنه غازي بن ظافر..

رحمهم الله جميعاً، فقد استحوذوا على حب الناس وسكنوا قلوبهم بما قدموه لهم من حب وسعي في قضاء حوائج بعضهم، فهبّ الناس لأداء واجب العزاء زرافات ووحدانا حتى ضاقت بهم الأماكن.. ولعل المشترك بين من ذكرت أنهم لم يكونوا أصحاب مناصب عليا وقت وفاتهم حتى يتملق الناس ذويهم وقراباتهم، وإنما كانوا ممن يسعون في قضاء حوائج الناس سراً وعلانية..

وتذكرت حينها القصيدة التي جادت بها قريحة شاعرنا الفحل شاعر الجيش المرحوم اللواء علي زين العابدين عقب وفاة الوالد والتي تصف المشهد بعنوان أحبك كل ذي خلق كريم، ويقول في مطلعها:
رأيت الناس تزدحم ازدحاما
كموج البحر يلتطم التطاما
جموع زاحفات تلو أخرى
تسابق بعضها بعضاً ضماما
حشود تملأ الآفاق زحفاً
كأن الموت ألهبها احتداما
قلوب واجفات هالعات
تلجلج في الصدور أسىً عراما
ولم لا؟! والحبيب غدا صريعاً
فصالح كان رحمى للأيامى
تنوح النائحات عليه نوحاً
يُذيب الصخر والصم الرجاما
وما ذاك الضجيج سوى عويل
على من كان ذا خلق هماما
نبيلاً في صحابته ودوداً
كريماً فاضلاً يرعى الذماما
حب الناس طراً ليس يطوي
كراهية ولا حقداً قتاما
رحمه الله الوالد ورحم الله السيد أمين وأسكنه فسيح الجنان وألهم ذويه الصبر والسلون وبارك في عقبه وذريته وجمعهم على الخير والمحبة على الدوام..

صحيفة مكة 1435/7/27هـ