مشاريع مكة إلى أين ؟
كشفت غرفة مكة التجارية الصناعية عن توقيع بروتوكول مشترك مع أمانة العاصمة المقدسة لتحديد المسارات الخاصة بمشاريع البنى التحتية لمكة المكرمة لعرضها على المستثمرين والمطورين العقاريين بعد عزوفهم عن المشاركة نظرا لضبابية الرؤية للمخطط الشامل لمكة، وطالبت الغرفة بعدم ايقاف أي مشروع بحجة إمكان قيام مشروع خدمي عليه ما لم تعتمد مبالغ التعويض نهائيا، لأن نظام نزع الملكيات يحتم اعتماد المشاريع وتوافر موازينها قبل النزع، للحفاظ على حقوق الملاك من التعطيل لأعوام قبل اعتماد المشروع وربما تغيير مساره. (الحياة، 21 الجاري)
لن اتطرق لضبابية المخطط الشامل فقد تحدثت عنه وغيري كثيرون سابقا، ما لفتني، وربما هو سبب الاجتماع، طلب الغرفة التجارية عدم منع الملاك من تطوير مواقعهم ما لم تعتمد مبالغ التعويض، حتى هنا لن اسأل عن تفويض من الملاك للتحدث باسمهم، ولن اسأل لماذا لم يتم هذا التنسيق مع بداية انهمار المشاريع على مكة، سأقول ربما لعدم الشفافية، اسأل فقط عن منطقية الطلب. خلفيته تكمن في عدم شفافية ما يعلن عن مخطط شامل لمكة وتعدد مشاريعه دون تنسيق بينها، وتعطل أو تأخر عمليات صرف التعويض واحتمال تغير المسارات، لكن بفرض صحة وحقيقة كل ذلك، فإن المطالبة بالبناء عليه ليس حقا، لن أقول حقا يراد به باطل، فمن حق تجار مكة المشاركة في كعكة التنمية وقد قدرتها الغرفة بـ 300 بليون ريال.
لكن ألم يكن الأجدى لغرفة مكة طلب تحديد مسارات مشاريع تنمية مكة، بل والمشاركة في رسمها كقطاع خاص محلي يهمه المساهمة فيها، كيف تنتهي ملاحظة عدم وضوح المعالم الدقيقة للمخطط الشامل مما أثر سلبا على جذب الاستثمارات، إلى طلب بالبناء على ما هو موجود ومعلوم مع إمكانية تعرضه للإزالة بغرض التطوير، ألن تكون الخسائر بمعنى التكلفة حينئذ مضاعفة على القطاعين الخاص والعام، خسارة استثمارات طمعا في تعويض قد لا يفي، وخسارة تعويض مكلف على الخزانة العامة، وأذى لسكان وزائري مكة بين هدم وبناء ؟ على الضفة الأخرى، كيف يمكن قبول أن المخطط الشامل يحدد المحاور الرئيسة فقط ولا يبين مواقعها تحديدا كما تقول الأمانة، هذا ليس مخططا شاملا والحالئذ، بل مجرد تصور مبدئي، أيعقل أنه حتى أمانة مكة تطلب من الشركات الاستشارية سرعة تحديد المسارات المرتبطة بمشاريعها، وهي المفترض أن تكون المخطط الأول والمساهم الأول، فإن لم يكن، فالعارف الأول بكل ما يخطط لمكة وفي قلب أحداثه وتقلباته ؟جميعنا يعرف أن التخطيط العام لأي مدينة يوضع على طاولة واحدة وبإشراف عام واحد لأن تعدد القباطنة يغرق السفينة، جميعنا يعلم أن قطاعات كثيرة عامة وخاصة شاركت في وضع تصور عام لتخطيط مكة، وأخذ بالكثير من الآراء، تعديل المسارات وارد، اكتشاف معوقات وارد، لكن لا يصل الأمر لتغيير مواقع. اقترح لحل الاشكالية أن يوكل الأمر برمته لإمارة مكة لتفصل بين الآراء وتحدد المحاور والمواقع تبعا للمصلحة العامة ومنعا للغموض حول تعدد المشاريع الشاملة.
عكاظ 1435/6/24هـ