مكة التي في خاطري

نظرة تأمل في أحوال مدينة مكة ستؤكد أن الأوضاع ليست على ما نتمناه، وليست على المستوى «المثالي» أو «النموذجي» الذي نريده لها كمدينة ذات مكانة «عالمية».

فواقع الحال يدل على أن التراجع قد أصاب عددا من أوجه هذه المدينة الطاهرة.

دعونا «نشخّص» مثلا حال بعض الشوارع والطرقات والعشوائيات والعمالة التي لا تزال سائبة في الشوارع رغم كل حملات التفتيش الماضية.

ودعونا نتساءل عن حال «النادي الثقافي الأدبي» الذي لم يعد له دور حقيقي في الحركة الثقافية والأدبية بمكة رغم اجتهادات القائمين عليه.

أما الحديث عن «النادي الرياضي» فيطول، فهو ما بين شد وجذب وصعود وهبوط.

دعونا أيضاً نطرح استفهامات عن وضع «المدينة الصناعية» اليتيمة والمتهالكة ونوعية «الصناعة» الموجودة بها التي هي في الغالب «تعبئة» وليست «تصنيعا».

ونتساءل عن «وضع الخدمات الصحية» والمستشفيات والمستوصفات المنتهية الصلاحية..

أسئلة أخرى في الذهن حول «الوضع التعليمي» في ظل غياب مدرسة حقيقية تستحق التقدير سوى واحدة.

وهل تكفي مدرسة واحدة جيدة فقط في مدينة مثل مكة؟ وتستمر التساؤلات حول بقية منظومة «المؤسسات» المدنية والاجتماعية والخدماتية وصولاً إلى»الإدارات الحكومية» وما تحمله من «بيروقراطية» و»عدم مقدرة» على أداء العمل بشكل «متطور» يتناسب مع «العصر» الذي نعيش فيه.

زيارة سريعة لبعض الإدارات ستؤكد أن الأوضاع تحتاج لكثير من «العمل الحقيقي» وكثير من «التطوير».

دعونا نتساءل للمصلحة وبمنتهى «التجرد»: ما هو واقع الحال في مكة المكرمة على المستويات «الثقافية» و»الأدبية» و»التجارية» و»العقارية» و»الصناعية» و»الاجتماعية» و»الخدماتية» و»الترفيهية»؟ هل هي بالمستوى الذي نتطلع إليه ونتمناه جميعاً لهذه المدينة «الأهم»؟

كم نتمنى أن نرى مكة كمدينة تتمتع بـ»بنية تحتية» ذات مواصفات عالمية، وتتمتع بخدمات تعليمية وثقافية وصحية لا مثيل لها، وكذلك «وحدة معمارية» ذات جمال أخاذ مستمد ومستلهم من تراثها وماضيها العريق، و»مطار» عالمي في ضواحيها يستقبل زوارها، و»متحف» راق يحكي تاريخها العريق، و»تنظيم» سلس في الشوارع والميادين.

وكم أتمنى كغيري أن تزول «العشوائيات» التي نشعر أنها تتوسع وتتمدد كل يوم وتزداد فيها أعداد «المتخلفين». ونتمنى أن نرى مكة مدينة حديثة تواكب متطلبات العصر. الآمال كبيرة والتطلعات سقفها عال جداً، وكلنا ثقة أن وصول مدينة مكة للمستوى المأمول سيتحقق بإذن الله، بدءاً بتشخيص الواقع، ثم بسن قوانين صارمة ووضع خطط طموحة وعمل جاد ومخلص، وتكاتف بين القطاعين العام والخاص، ورصد ميزانيات كبرى لمدينة مكة على المستوى «المدني»، فكلنا نعلم أنها كمدينة مقدسة تحصل على ميزانيات «مفتوحة» لمشاريع «المشاعر» وتوسعة «الحرم»، ولكنها كمدينة تحتاج لمزيد من الميزانيات الخاصة بتطويرها «حضرياً» على المستويات كافة. فمكة التي في خاطري وخاطر أبنائها ومحبيها تحتاج الكثير من الجهد والجد والعمل.

صحيفة مكة 1435/6/23هـ