ومن المهم بقاء الشِّعْب النبوي أيضاً

كتب الأستاذ عمر المضواحي في هذه الصحيفة بتاريخ 13 جمادى الآخرة الحالي تحت عنوان (مبنى المولد النبوي باق) يُبشّرنا بنبأ سار هو بقاء مبنى مكتبة مكة المكرمة حيث المولد النبوي الشريف في مكانه، وأشار إلى مخططيْن الأول لا يظهر فيه مكان مبنى المكتبة والثاني الذي نُشر رفق التقرير ويظهر المبنى في مكانه تحيطه جسور مصاطب الخدمات.

دار نقاش مطوّل بين أعضاء مبادرة معاد -وهي عبارة عن مجموعة من المكيين المهتمين بالهوية المكية والآثار والمعالم التاريخية في مكة المكرمة- حول المخطط الأول وتم تقديم مجموعة من المقترحات في سياق اهتمام المبادرة بالتراث النبوي وبالأخص فيما يتعلق بمحيط مبنى مكتبة مكة المكرمة حيث المولد النبوي الشريف.

وتم استعراض جملة من الأفكار كان من بينها أهمية الإبقاء على مبنى المكتبة مستقلاً عن بقية المباني وعن مصاطب الخدمات وعدم تمييعه ضمنها، باعتبار الأهمية التاريخية لموضع مولده صلى الله عليه وسلّم، وكذلك أهمية الحفاظ على شكل شِعْب بني هاشم والحفاظ على طبيعته الجبلية والجغرافية، باعتبار أنه الشِّعْب الذي وُلد فيه خير الورى صلى الله عليه وسلم، وترعرع على ثراه، وحُوصر فيه بعد بعثته صلى الله عليه وسلم، وقد ورد ذكره مراراً في النصوص التاريخية ويجب المحافظة عليه.

ورأى البعض -وأنا منهم- توقف المصاطب عند الجهة الشمالية للمسجد الحرام وأن لا ضرورة تقضي امتدادها إلى الشِّعْب، وإبقاؤه على طبيعته وإن كان هناك ضرورة لمبان محدودة لأي خدمات فتبنى خلف مبنى المكتبة دون التأثير على شكل الشِّعْب وطبوغرافيته.

وتطوّر التفكير إلى أنه إن كان ولابد من امتداد المصاطب فيتم تعديل تصاميمها جهة الشعب بحيث تستدير مبانيها في منطقة الشعب على شكله بحيث يتم تفريغ أجزاء من المصاطب وتكوين برحات أمام مبنى المكتبة وعلى جانبيها.


المهم في الموضوع هو الحفاظ على شِعْب بني هاشم والشهير لدى المكيين بـ”شِعْب علي” لأهميته التاريخية والجغرافية.

بقي أن أقول إن تاريخ مكة وجغرافيتها وتراثها وهويتها أهم وأعظم من انتظام الشكل الخارجي لتوسعة المسجد الحرام والمرافق التابعة لها، والذي يبدو أنه –وأعني انتظام الشكل الخارجي وليس التوسعة- مُعْطى أهمية كبرى على حساب ما أسلفت من تاريخ وجغرافيا وتراث نبوي. فمكة أرادها الله بين الجبال وأرادها أودية وشعابا وثنايا، ووضع بيته في واديها الأعظم وادي إبراهيم، ولو شاء لجعلها مسطحة كما يذهب البعض في تخطيطهم وتنفيذهم لبعض مشاريعها، فذهبوا ينسفون جبالها دون اعتبار لتاريخ أو جغرافيا، ولا اعتبار لآثار ذلك على بيئتها وزمزمها وانعكاساتها على حياة سكّانها وزوارها.

فلنعمل على المحافظة على هوية وشخصية مكة كما أرادها الله وعلى تاريخها وتراثها ومعالمها التاريخية. فلا يصح أن تصبح مكة بلا تاريخ وبلا جغرافيا، و الله الملهم الجميع الصواب.

صحيفة مكة 1435/6/21هـ