وزارة الإسكان وجفاء مكة

أطلقت وزارة الإسكان، مؤخرا، البوابة الإلكترونية لبرنامج الدعم السكاني «إسكان» ليسجل المواطنون غير المالكين لسكن مناسب بياناتهم وإرفاق مستنداتهم الرسمية لتطبق الوزارة عليهم آلية الاستحقاق والأولوية، وهي خطوة جيدة، وإن كنت أخشى أنها بمثابة تقديم الحصان على العربة، بدا وكأن الوزارة أشرعت مزادا على ما لديها من مشاريع جاهزة، وإذا بحثت وجدت القليل الجاهز، وكان الأمل أن تركز الوزارة على عمليات البناء والتنفيذ، ثم يتم رصد من يستحقها، وربما هي خطوة تحضيرية تشفع لها ضخامة الإنشاءات القادمة.


غير أن هذا ليس حديثي، فالقضية تذهب أبعد من ذلك قليلا، ما تقدمه الوزارة ــ بظني المتواضع ــ حلول مؤقتة، جيدة ولا شك، لكنها لا تعالج أصل الخلل، تفاءلنا كثيرا بإنشاء وزارة الإسكان، وظننا أنها ستدخل السوق كمنافس قوي لهوامير الأرض والعقار، فإذا بها تدخل كمنافس مبتدئ، بل وتستجدي تعاون منافسيها الكبار برغم كل ما وفرته لها الدولة من إمكانات وقدرات. أتذكر شيئا من هذا قيل لمعالي الوزير في لقاء «عكاظ» بالمسئولين، وكان الجواب أن التعاون أفضل، قيل له اتجه نحو الضواحي والصحراء وأقم مدننا جديدة بعيدة عن الأراضي المشبكة، وهو حل بنصلين يوفر مساكن للمحتاجين ويخفض أسعار الأراضي البيضاء داخل المدن، وكان الجواب هو هذه الحلول المؤقتة لداء عضال، ذكر بتعويض مكة المكرمة عما أزيل من مساكنها فوعد خيرا.


وقد حاولت الوزارة أن تغطي مشاريعها معظم المناطق، ولكنه كان خبط عشواء، في منطقة مكة ــ مثلا ــ تركزت مشاريع الوزارة في محافظات كجدة والقنفذة والخرمة، لا شك أن كل المحافظات تحتاج مشاريع سكنية، ولكن أين نصيب مدينة مكة ذاتها، وهي التي فقدت أكثر من 15 ألف عقار في المشاريع التطويرية الأخيرة، ووفرت أمانتها 30 مليون متر مربع لمشاريع الوزارة، وتفوق احتياجاتها 30 ألف أسرة، ويسكنها أكثر من 26% من سكان المملكة، وتخدم أكثر من 95% من زوار المملكة، ويتصاعد نموها السكاني بأكثر من 2% سنويا، والأهم مما سبق تعتبر المصدر الثاني للدخل في المملكة، وفوق كل ما سبق وجه بزيادة الاهتمام بمشاريعها ولي الأمر بأمر صريح، فأين وعدك، يا معالي الوزير، وأين تنفيذ الأمر الملكي الكريم؟.

عكاظ 1435/5/29هـ