أين أرشيف الندوة؟
كنت في زيارة لسعادة الدكتور عثمان الصيني رئيس تحرير صحيفة مكة بمكتبه قبل أيام، وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث وخاصة أيام الطفولة والشباب، عندما كنا نقطن حارتي الشبيكة والهجلة، حيث كانت عائلاتنا تعيش فيها، بينما نحن كذلك، قلت لسعادته بأن جريدة الندوة تملك أرشيفا هائلاً وتاريخيا يمكنكم الاستفادة منه.. فإذا بسعادته يصعقني بخبر لم أكن أتوقعه، حيث أخبرني بأن الندوة لم تترك لشقيقتها (مكة) أرشيفاً تستفيد منه، وأن أرشيف الندوة قد ذهب مع الريح في سيل طمره بالكامل!
وفي الحقيقة تأسفت جدا من سماع مثل هذه الأخبار المحزنة المؤسفة! وإنني أتساءل: من المسؤول عن ضياع هذا التاريخ الذي هو ملك لأهل مكة؟، باعتبار أن الندوة وصحيفة مكة الحالية هما صحف يملكها أهل مكة، أدبيا... فكيف يندثر مثل هذا التاريخ؟!
كيف يضيع في غمضة عين؟!
كيف يختفي تاريخ سعى واجتهد المؤسسون ومن جاء بعدهم ليكون إشعاعات فخر تضيء صفحات ناصعة لجهود رجال صنعوا التاريخ لهذه المدينة؟!هل كُتب على أهل مكة أن يُمحى تاريخها، بشطب آثارها وأحيائها وتراثها ومبانيها التاريخية والإسلامية؟!... لتنتقل هذه العدوى لتمحو تاريخها الإعلامي والصحفي؟!لقد أخبرني الراحل الأستاذ فوزي خياط رحمه الله بأن الندوة تملك أفضل وأعظم وأشمل أرشيف لجريدة في المملكة...
أرشيف يحكي تاريخ مكة المكرمة في القرن الماضي وحتى أيام خوال قريبة منا! وأتساءل أيضاً: من المسؤول عن هذا الإهمال، وكيف يمكن أن نصدق بأن سيلا طمر أرشيف الندوة؟!... ولماذا لم تطمره السيول التي سبقت قدوم فريق عمل صحيفة مكة الحالي؟!، لماذا جاء السيل الآن ليطمر أرشيف الندوة، وهل كان السيل ينتظر ولادة صحيفة مكة ليمحو آثار الندوة نهائياً؟!
حتى صور رؤساء التحرير الذين مروا على جريدة الندوة لا توجد لهم صورة واحدة؟!وأتساءل هل يمكن فتح تحقيق جاد في هذا الموضوع، أم سيسلم العاملون في صحيفة مكة أمرهم لله؟! إن اندثار أرشيف (ما) هو تدمير للتاريخ، وصحيفة بدون أرشيف يقبع في مكتبتها (مكتوبا كان أو مصورا) هي صحيفة تعاني الكثير!
حتى تكوِّن أرشيفا مع مرور الزمن.. وآآآآآه من الزمن؟!
من جهة أخرى فإنني أستغرب ممن كانوا على رأس العمل في جريدة الندوة... لماذا لم يحاولوا تحويل الأرشيف الورقي وأرشيف الصور إلى أرشيف الكتروني... هل كانوا بعيدين عن التطور الالكتروني الذي غزا ويغزو العالم؟!
لقد كان بإمكانهم حفظ جميع المستندات والمقالات وأعني الصحيفة بجميع مقالاتها وأخبارها وصورها، منذ تأسيسها وحتى قبل توقفها إلى الأرشفة الالكترونية، كما كان يمكن أن ينسخ منها عدة نسخ، توضع واحدة منها في أحد صناديق البنوك يرجع إليها وقت الحاجة...؟!
لأن هذا تاريخ وليس عبثا يعبث به من أراد.
فأرجو أن تتدخل وزارة الإعلام والوزارات المعنية بالصحافة والثقافة والتاريخ والتراث وأمانة العاصمة بأن تضع حدا لمثل هذه الفواجع، وأن تضع رزمة من القرارات التي تحدد المسؤوليات، التي تعنى بحفظ تاريخ وتراث بلادنا وخاصة ما يخص مكة المكرمة..
ولي رجاء من أهالي مكة المكرمة من المهتمين بالإعلام وبتاريخهم أن يتكرموا بتزويد صحيفة مكة بما لديهم من صور، مما يمكن أن تستفيد منه الصحيفة، حيث أعتبره واجبا نقدمه لصحيفة هي أولا وأخيرا صحيفتهم التي تمثل مدينتهم وتحمل اسمها...ويا أمان الخائفين.
مكة 1435/4/21هـ